Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الفاو.. مستقبل قادم من الماضي

الفاو.. مستقبل قادم من الماضي

A A
دلالة وأثر الحضارات السابقة في تاريخ الجزيرة العربية جذور تزهر وتثمر الآثار والنقوش الثمينة، معبرة عن طريقة الأرض في التفاعل مع الإنسان، وتوليد الحياة من جديد، وبشكل مختلف، وتحديداً ما يحدث في الربع الخالي، هناك في جنوب غرب الرياض وعلى بعد 100كم إلى الجنوب من وادي الدواسر على الطريق الحديث الرابط بين مدينتي وادي الدواسر ونجران يظهر ويستقر موقع الفاو الأثري، عاصمة مملكة كندة من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى مطلع القرن الرابع الميلادي، حيث كانت مركزاً تجارياً مهماً وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج، وبمرور الوقت تزداد قيمة وعراقة إذ أعلنت هيئة التراث عن نجاح فريق علمي سعودي، وخبراء دوليين في الكشف عن المزيد من أسرارها، معلنة نتائج المسح الأثري للموقع ومن أهمها منطقة لمزاولة شعائر العبادة لسكان الفاو في الواجهة الصخرية لأطراف جبال طويق، مكونة من بقايا معبد بُني من الحجارة، وبقايا مائدة لتقديم القرابين و العديد من النقوش التعبدية.

FYseb2yagAExSGN



حكاية موقع الفاو الأثري مثيرة للفضول، ومحفزة على البحث لأنها صدى يعود إلى حقب زمنية قديمة لا يمكن الوصول إليها إلا من بوابة الفاو، وبالمرور من خلال الآثار والنقوش الساكنة في أعماق وجدران المكان، وأحدث فصول هذه الحكاية ما كشفته هيئة التراث من بقايا مستوطنات بشرية تعود للعصر الحجري الحديث قبل 8000 سنة، وتوثيق وتصنيف أكثر من 2807 مقابر منتشرة في الموقع، صنفت إلى ست مجموعات تمثّل فترات زمنية مختلفة، ونقش في معبد جبل لحق، بالإضافة إلى العثور على أساسات أربعة مبانٍ ضخمة مزود بعضها بأبراج في أركانها بمحاذاة حافة جبال طويق استخدمت على الأغلب كاستراحات للقوافل التجارية، كذلك قدمت هذه الاكتشافات دلالة على نظام الري لتخزين مياه السيول، والذي يبرر كيف استطاع إنسان الفاو التغلب على الظروف المناخية الجافة وقليلة الأمطار في واحدة من أشد البيئات الصحراوية قساوة في العالم.



موقع الفاو الأثري انعكاس لمدينة افتراضية ومستقبلية لأنه مدينة الحنين والماضي والتفاصيل القديمة بكل أركانها وعناصرها، ومبرهنة على ذلك بوجود عدد من المساحات الزراعية ضمن الاكتشافات والتي يعتقد أنها كانت حقولاً زراعية، إلى جانب الكشف عن مجموعة من الرسومات والكتابات الصخرية منحوتة على الواجهة الصخرية لحافة جبل طويق راوية العديد من المشاهد اليومية للصيد والترحال والقتال، وهي قصة رجل اسمه مَذكَر بن منعم حاول أن يخلق من الجبل مكاناً لينشر فيه قصته عبر النحت على الصخور. لتكون هذه النتائج استدامة لجهود بدأتها جامعة الملك سعود في سبعينات القرن الماضي بقيادة عالم الآثار السعودي الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، استمرت لأكثر من أربعين عاماً كشف خلالها عن العديد من الجوانب الثقافية للموقع أبرزها؛ المنطقة السكنية، منطقة السوق، المعابد، والمقابر، ونشرت النتائج في سبع مجلدات تحتوي على نتائج هذه الأعمال الأثرية.

FYseb2zacAAKqtR



هيئة التراث ومن خلال أعمال المسح والاكتشافات الأثرية هي تهب عروق وجذوع وأغصان الحكايات حيوية ونضارة وزهواً، تبث فيها الألق، وتعيدها إلى الحاضر متماهية مع اللحظة، ومتكفلة بابتكار أبعاد أرحب للنظر والتفكير والعودة إلى الجذور، وأن الحياة أكثر من مجرد الآن، مواصلة بذلك جهودها في الكشف عن مواقع التراث الثقافي في المملكة، وحمايتها ونشرها للتعريف بها داخلياً وخارجياً؛ لتعكس الغنى التراثي والتاريخي للمملكة التي تثبت أنها كانت موطناً للعديد من الحضارات الإنسانية المتعاقبة على مر التاريخ.

FYseb21aIAEkD12



FYlJWwmXgAAPM9d (1)





contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store