تزخر المملكة العربية السعودية، عبر مساحتها الممتدة وتاريخها العريق، بمخزون ثري من الموروث الثقافي المتنوع، الذي يعد أحد تجليات موقعها الجغرافي المتميز، كملتقى لعدد من الحضارات والثقافات، التي جعلتها من أكثر الدول غنى في مجال التراث الثقافي المادي وغير المادي.
فالمملكة على امتدادها الجغرافي الكبير تحظى بموروث ثقافي فريد من نوعه، أعطى لكل منطقة من مناطقها سِمتها الخاصة، من عادات وتقاليد وحرف بيئية وفنون أدائية وقصص وأمثال وقصائد وأهازيج وألعاب شعبية ومأكولات وتعابير متوارثة عبر الأجيال، ومتناغمة مع طبيعة كل المنطقة، وهو ما يرسم في نهاية المطاف صورة كبيرة لوطن غني بالتراث والفنون والزخم الثقافي العميق، والذي حرصت الحكومة الرشيدة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على أن تحفظ هذا الإرث العظيم للأجيال القادمة، عبر تسجيله كتراث إنساني غير مادي على قائمة اليونسكو.
ولأن المملكة تمثل الغالبية العظمي من شبه الجزيرة العربية، فهي روح العرب ومهد ثقافتهم وحضارتهم، ولهذا استطاعت الحكومة ممثلة في وزارة الثقافة أن تنجح في تسجيل 8 عناصر على قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، من بينها ثلاثة عناصر ذات خصوصية سعودية خالصة، وهي العرضة النجدية، المعروفة بالعرضة السعودية، والمزمار، المعروف في منطقة الحجاز، والقط العسيري الذي يعد من أبرز الفنون في منطقة عسير، بالإضافة إلى خمسة عناصر ثقافية مشتركة ذات سمة إنسانية بشكل عام وعربية بشكل خاص، وهي القهوة العربية والنخلة والسدو والصقارة والمجلس.
ولعل أبرز ما يميز هذا الموروث الثقافي العريق للمجتمع السعودي هو ما يحمله من بُعد إنساني غير مادي، يعبّر عن إبداعات إنسان هذا المكان عبر التاريخ، من خلال ممارساته وتقاليده وأساليب تعبيره ومعارفه ومهاراته المتوارثة عبر الأجيال.
ونظرًا لهذا العمق الثقافي الذي تتمتع به السعودية، فقد حرصت رؤية المملكة 2030 على ضرورة حفظ هذا التراث بكل صوره، للتأكيد على ما تحظى به المملكة من مكانة دينية وتاريخية، احتضنت عبر مساحتها المترامية وتاريخها التليد العديد من الحضارات الإنسانية، التي جعلت من أرضها كنزًا ثقافيًا وتراثيًا، ومن إنسانها مبدعًا وصانعًا للحضارات ومنتجًا للثقافات، التي يشهد لها العالم بالخصوصية والأصالة والسمات العربية العريقة.
@abdulrahmanabsi
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
