Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

هذا خلعناه.. وهذا خليناه!!

A A
أصبح الآن خلع الزوجات لأزواجهن حقاً طبيعياً وفق ما جاء في النظام الجديد، وممكن أن تنفرد به الزوجة دون زوجها، وهي التي تستطيع بكلمة واحدة أن تعلن حالة الطوارئ وتخلع الزوج ولو كانت شواربه مترين، حيث لم يعد يفلح قوله «أنا رجال البيت وأنا الذي أطلق»، انتهى عصر الفحولة والرجولة، وكما أن الزوج بحروف يترك الزوجة ويرسلها إلى بيت أهلها وهي قوله: «أنت طالق»، الزوجة الآن كذلك بحروف تتركه وترسله إلى بيت أهله إذا كانت هي من تملك الشقة أو الفلة وهي قولها: «أنت مخلوع توكل على الله، مسمار متجذر وخلعناه، ضرس مؤلم وخلعناه، زوج مؤذٍ وخلعناه»، يمكن من الجيد والمقبول خلع الزوج المؤذي والذي تعاني منه الزوجة حيث إن هناك فعلاً أزواجاً لا يصلح حالهم إلا بالخلع، لا ينفع معهم صلح أو مهادنة، حيث البعض عالة على زوجته، يختلق المشكلات دائمًا، همه أصدقاؤه وسهراته، لا يعنيه تربية أولاده في شيء، يعاملها كخدامة وهمه السيطرة على مالها وحلالها، حقًا هذه الأنوع من الأزواج الخلع في حقهم واجب، لذلك جاء هذا النظام الجديد في صالحهن ومن حقهن.

لكن في الجانب الآخر ومن المؤلم جدًا أن تتخذ بعض الزوجات من الخلع سلاحًا لها لتهدد به الحياة الزوجية وتذبح به أسرة بكاملها فيتشتت الأبناء والبنات كما تمامًا الطلاق يهدم البيوت ويشتت الأسر يفعل الخلع، وهناك مثل إنجليزي يقول «لا تضرب بالسوط حصانًا متعبًا»، لقد تبادر إلى ذهني هذا المثل حين تحمل امرأة السوط (الخلع) لتضرب به حصانًا عاش معها أكثر من ثلاثين عامًا وكان مثالاً للمسؤولية وحمل أعباء الحياة بل كان يقود العربة على ظهره، ولخلاف بسيط أو اختلافات -بعد هذا العمر الطويل- تتركينه وتشهرين سلاح الخلع في وجهه، فأي وفاء هذا؟

الخلع يجب أن يستخدم في أضيق الحدود وعند الضرورة، كما أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق فكذلك الخلع يجب أن يكون في أضيق الحدود وهو أبغض الحلال إلى الله، أما أن يكون الخلع سيفًا مسلطًا للحكم بالإعدام على الأزواج والتضحية بهم عند أدنى اختلاف أو عدم توافق لأسباب مادية تافهة فإن ذلك سيزيد من حالات العاهات التي يعاني منها المجتمع فلا الطلاق يعمر البيوت ولا الخلع يبني الأسر وما كثرة انتشارهما إلا مؤشر على حالات وأوجاع وتشوهات لصغار السن من الأولاد والبنات، ومهما قلنا إن الطلاق أو الخلع يريح الزوجين إلا أن تبعاته كبيرة والمجتمع الذي يغلب عليه الطلاق والخلع مجتمع مريض ويحتاج إلى معالجة، ولعل الأفضل في ذلك هو اتخاذ أسباب الوقاية منهما، بأن تكون هناك دورة قبل الزواج وقائية لفهم الحياة الزوجية ومتطلباتها والتعرف على الأسباب التي تؤدي إلى استمرارها وبقائها، وهناك تجربة فيما أظن للوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز في تقديم دورة بعنوان قيادة الحياة الزوجية وكانت آثارها ملموسة وإيجابية، سائلين الله سبحانه وتعالى حياة الاستقرار والنمو والازدهار للأزواج والأسر والبيوت.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store