Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

السباحة وأسبوع الغرق!!

A A
الصيف كما هو معروف هو الفرصة الأكثر لوقت السباحة، وتبعًا لذلك فإنه تزداد فيه حوادث الغرق سواء في البحر أو المسابح المنزلية والاستراحات، فإذا أضيف إلى ذلك ما يكون من حوادث وفواجع مؤلمة للغرق بسبب السيول والأمطار فإن ذلك يحتاج من الجهات المسؤولة دراسة أسباب تكرار الغرق والعمل على الحد منه وتجنبه ما أمكن، والأسبوعين الماضيين كانا حافلين بحوادث مفجعة حيث لف الموت غرقًا عددًا كبيرًا ما بين غرق في السيول وآخرون في البحر وغيرهم في المسابح ولم يترك الغرق لا رجال ولا نساء ولا صغار ولا كبار، وقد ترسم الموت من خلال الغرق فنال من أسر كاملة فأرداها في السيول هلاكًا.

وممن فجعنا بهم خلال هذا الأسبوع كل من الدكتورة عفاف فلمبان أستاذ النساء والولادة بمستشفى الحرس الوطني بالرياض وصديقتها الدكتورة لينا طه، وكلتيهما ممن ترك سيرة عطرة بل كل من عرفهما وتعامل معهما يذكرهما بخير، وقد كتب الله لهما الشهادة بعد ما قاما بعمل إنساني جليل وهو إنقاذهما لفتاتين صغيرتين من الغرق ومع أنهما تجيدان السباحة إلا أن ما كتبه الله عليهما من مغالبة الموج والرياح مما لم تستطيعا التغلب عليه جعلهما يسلمان روحهما لقدرهما غرقًا والانتقال إلى جوار الله رحمهما الله رحمة واسعة.

والغرق في الصيف لا يقتصر على ما يحدث في البحر إنما هناك حوادث غرق صغار السن في المسابح المنزلية والاستراحات وغرق حوادث السيول الجارفة ولا ينبغي أن نقف عند كلمة القدر في أحداث الغرق دون أن نأخذ بأسباب الوقاية من عدم تكراره بل إنني أعتقد جازمًا أن الأمر يحتاج إلى ورشة عمل تختص بالسباحة والغرق لدراسة الأسباب، وكنت قد كتبت سابقًا عن عدة حالات من الغرق للأطفال في المسابح بسبب الإهمال، ولو كُشفت لنا أسباب حالات الغرق لوجدنا أنها تعود لأسباب وأخطاء بشرية أو إهمال واستهتار.. ويعتبر غرق الأطفال في المسابح هو الأكثر انتشارًا وكم أتمنى أن تشترط الجهات المسؤولة (الأمانات أو غيرها) ضرورة الالتزام بشروط السلامة للمسابح عند طلب بنائها كتسويرها وعمقها وما يتطلب من شروط للإنقاذ والسلامة ولا ينبغي للفلل أو المنازل والاستراحات جعل المسابح مفتوحة لأن هناك زوار يصطحبون معهم أطفالاً لا يجيدون السباحة وعادة ما يترك الصغار حول المسبح مما يجعلهم يتعرضون للغرق، فالنفوس أمانة فيمن وجب عليه أن يرعاها.

والأكثر استهتارًا هو ما يقوم به بعض الشباب من مواجهة السيول بالتحديات بالسيارات ومحاولة اللعب بالأرواح ثم تكون الفاجعة وهلاك المجموعة بأكملها، والسيول كما نعلم لا ترحم وجارفة للبشر والحديد معًا، وهناك نهي نبوي كريم من عدم النوم أو البناء في مجاري السيول فما بالكم بما يفعله هؤلاء الشباب المستهترين، لذلك فإن اللعب بالأرواح بهذه الصورة من الإثم لأن النفس أمانة في عنق صاحبها.

وأخيرًا إن تعليم السباحة من أهم الأمور الوقائية التي تحفظ بإذن الله من الغرق لذلك ورد في الأثر (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل) ومن أهم الأسباب الوقائية من الغرق في مسابح المدارس والأندية ضرورة وجود منقذ دائم في أوقات السباحة وعدم تمكين السباحة إلا في أوقاتها المحددة وكل هذه الأمور والوسائل أسباب واقية من الغرق بإذن الله فإن كتب الله بعدها الغرق فإن ذلك من الاصطفاء والاختيار الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد أصناف الشهادة كما ورد ذلك في الحديث «..... والغريق شهيد» صحيح مسلم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store