Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الزحف للقبور على البطون!!

A A
قبل سيطرة إيران على العراق شاهدْتُ فيلماً وثائقياً في قناة (Discovery Channel) المختصّة بعجائب الطبيعة وغرائب الناس، وكان لشخص بوذي أراد أن يحجّ لصنم بوذا في بلاد النيبال من قريته البعيدة، ولحبّه للصنم ابتكر طريقةً جديدةً للذهاب إليه، فلم يختر الطائرة ولا السيّارة ولا الدرّاجة النارية ولا الدرّاجة الهوائية ولا المشي على الأقدام، بل الزحف على بطنه لمسافة عشرات الكيلومترات، تحقيراً لنفسه وتعظيماً للصنم، فدميت ركبتاه ويداه وبطنه وصدره جرّاء الاحتكاك بالأرض الخشنة، وتعاطف المعتنقون للبوذية معه وظلّوا يهدونه الطعام والشراب وأدوية علاج الجلد طيلة المسافة، والصحفيون من شتّى أنحاء العالم يصوّرونه لأنّه مادّة دسمة للتقارير الإعلامية، حتّى وصل للصنم وهو يبكي من الفرح، وهذا في الدنيا، أمّا في الآخرة فسيبكي من الحزن في جهنّم جرّاء شركه الأكبر.

ومرّت بي السنون، وقتلت إيران صدّام حسين بإشراف أمريكي، وسيطرت عليه عقائدياً، فإذا بي أرى نفس المنظر المُقزِّز، ولكن ليس في بلاد النيبال، بل في بلاد الرافدين التي عاثت فيها إيران باعتقادات وثنية ما أنزل الله بها من سلطان، فصار البعض من العامّة السُذّج ممّن أنعم الله عليهم بالشباب والقوّة يزحفون في يوم عاشوراء على بطونهم لمسافة عشرات الأمتار إلى ما يُزعم أنّه قبر الحسين بن عليّ، رضي الله عنه، تحقيراً لأنفسهم وتعظيماً للقبر، والفرق الوحيد بينهم وبين البوذي الزاحف هو أنّ أرضية زحفهم كانت من الرخام المصقول فلم تدمى رُكبهُم ولا أيديهم ولا صدورهم ولا بطونهم، لكنّهم أدموا ظهورهم بضربها بحديد التطبير، والناس من حولهم يصوّرونهم إعجاباً بهم، حتى إذا ما وصلوا للقبر هبّوا على أقدامهم تحية تقديس للقبر، ولو كان الحسين حياً لزجرهم وحاربهم على ما أحدثوه في دين جدّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وختمت كلامها المُباح، بأنّ توحيد الله هو أعظم كنوز الدنيا، وهو سبيل النجاة، وهو الدين الصحيح، وهو الفلاح الأكبر، وهو الكلمة السواء التي بُعِثَ بها جميع الأنبياء، وهذه دعوة صادقة لتنقية العقيدة، فما هكذا تُواجه الأخطار المحدقة بالأمّة الإسلامية، وما هكذا تأمن الأوطان وتعمر الديار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store