Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

العلوم الإنسانية بين الإيصاد والتقنين

العلوم الإنسانية بين الإيصاد والتقنين

A A
تعدُّ العلوم الإنسانية أولى العلوم التي تعلمها الإنسان، وارتبطت به ارتباطاً وثيقاً، فهذه العلوم لها أهميتها خاصةً في بناء الفكر والتحليل والاستنتاج وغيرها من عمليات التفكير العليا، وهذه العلوم أيضاً تدارسها الأنبياء والملوك والأمراء والنبلاء والطبقة المخملية من المجتمع؛ حيث كان لهم الأسبقية في الاهتمام بها، وانعكس ذلك في مجالسهم، كما حظي أبناء الملوك برعاية واهتمام من قِبل آبائهم من خلال تدارسهم لهذه العلوم الفكرية، فالإسكندر المقدوني ٣٣٢-٣٢٣ق.م تعلم مختلف العلوم ما بين الفكرية والتطبيقية على يد الفيلسوف اليوناني أرسطو ٣٨٤-٣٢٢ق.م، ولم يبلغ عمر الـ٣٠ إلا ومعظم الشرق الأدنى القديم تحت سيطرته.. أضف إلى ذلك اهتمام الملوك بتعليم أبنائهم هذه العلوم الفكرية؛ حيث أرسل الحاكم الفارسي يزدجر بن سابور ٣٩٩-٤٢٠م ابنه بهرام جور الخامس ٤٢٠-٤٣٨م إلى بلاد العرب، وبالتحديد في عهد المنذر بن النعمان ٤١٨-٤٦٢م؛ بهدف تعلم اللغة والأخلاق العربية وفنون الفروسية، فمكث في بلاد العرب من الرضاعة إلى البلوغ.

وإذا توقفنا في شخصية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان التي ألمت بمعظم المعارف العلمية، وظهر ذلك جلياً في لقاءاته وردوده على التساؤلات التي توجه إليه، سواء في السياسة، أو الاقتصاد، أو العلوم التطبيقية، حيث نجد أمامنا موسوعة بشرية تتحدث بفهم عميق ودراية واسعة وحكمة، فهذه المعرفة أتت من والده الملك سلمان بن عبدالعزيز وانعكست في شخصيته، والملك سلمان اعتنى بالعلم بشكل عام، والتاريخ والآثار خاصةً؛ حيث قدم الدعم الوفير للمتخصصين في هذا المجال.. إجمالاً لم يميز بين تخصص وآخر، بل قدم الدعم لقطاع التعليم وخصصت له أعلى الميزانيات، ومؤخراً في ١٤٤٢هـ/٢٠٢٠م كان تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ليكون له دور بارز في تقديم اللغة العربية والعلوم المتصلة بها إقليمياً وعلمياً.

ويجب أن ننبه إلى أنه لا نستطيع الاستغناء عن العلوم الإنسانية والاعتماد على العلوم التجريبية والتطبيقية، فنحن بحاجة إلى أن تعمل هذه العلوم جنباً إلى جنب مع بعضها البعض؛ لتحقيق الفائدة وبناء مجتمع فكري بمقصد الوصول للتنمية المستدامة.

نعم، نحن بحاجة إلى تخصصات تخدم سوق العمل، وإن ركزنا عليها وتركنا التخصصات الأخرى، كيف تصل المعرفة للأجيال اللاحقة؟ خاصةً ما يخص علم اللغة والمنطق والتاريخ والسياسة والفلسفة وغيرها من العلوم ذات الصلة بالهوية الوطنية.. نعم، يمكن تقنينها مع التركيز على نقل المعرفة للمتعلمين بعناية وإتقان، فهم الصفوة في المستقبل وعلى عاتقهم تقع مهام نقل هذه المعارف.

خلاصة، يحظى الجانب العلمي والثقافي في بلادنا المباركة بالدعم والاهتمام، وبرز ذلك في رؤية المملكة ٢٠٣٠ التي جعلت التعليم من أولوياتها، ووضعت الخطط والأهداف الإستراتيجية التعليمية الحديثة في سبيل تطويره.

د. سلمى محمد بكر هوساوي

@hosawi_s

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store