Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

حتى لا تتورم كروش أبنائنا!!

A A
* إذا كان النَاس في العادة وفي المعقول يحرصون على التخلص من (الوزن الزائد، وخاصة الكرش) لما يترتب على ذلك من أضرار صحية فإننا وفي زمن اللا معقول الذي نعيشه أصبحت (الكرش) عند ذلك الرجل مقدسة ووسيلة لكسب المال؛ فهو ذات يوم بث مقطعاً في مواقع التواصل؛ ليحظى بالإعجاب والرتويت، ومن ثم متابعة الملايين من الناس؛ ليصبح بـ(كرشه) واجهة إعلامية وإعلانية يحرص منظمو الفعاليات وأصحاب المؤسسات التجارية على استضافتها!!

*****

* أيضاً ذلك رجل يتراقص خلف (كُشك الآيسكريم) الذي يبيعه، وأيضاً أصبح يمتلك الملايين من المتابعين ويتسابق عليه الرعاة والمعلنون، ومثله ذلك الرجل الذي يتراقص بـ(رجليه) وهو يردد «بطل»، هذه فقط نماذج من اللا معقول الذي سيطر على محتوى مواقع التواصل!!

*****

* طبعاً لا يلام أولئك المشاهير، بل اعتبرهم أذكياء ومبدعين وهم يعرفون المزاج العام للمتابعين، ويستثمرونه بما يحقق لهم المصالح والمكاسب، وأيضاً لا عتب على من يستقطبهم؛ فهو يستغل جماهريتهم العريضة والواسعة في الترويج لبضاعته أو برامجه وفعالياته؛ فكلا هذين الطرفين يتكئ على قاعدة (اللي تغلبه ألعبه)!!

*****

* فالأزمة أراها في وعي المجتمعات الذي توالى سقوطها حتى أصبحت أسيرة للتفاهات تبحث عنها أَنّى كان مصدرها؛ وهذا حفز الناشئة والشباب على تقليد أولئك؛ وقد رأوا في ممارساتهم الطريق السهل للمال والشهرة؛ وهذه أزمة ومصيبة أخرى أَشد من سابقتها؛ يحدث هذا فيما تراجعت بل وتلاشت حظوظ العلماء والمثقفين وصانعي المحتوى الإثرائي؛ فهم منسيون وفي حكم الموتى!!

*****

*وبالعودة للمعقول والمنطق فبالتأكيد بناء الأوطان والحضارات وتطور المجتمعات وتنميتها المستدامة لا يمكن أن تقوم بها الشريحة الأكبر من مشاهير مواقع التواصل أمثال الراقصين بـ(كروشهم وأرجلهم وأردافهم وسلوكياتهم وعباراتهم الخارجة)، ولا من يُضيعون أعمارهم وأوقاتهم بالتهافت عليهم ومطاردتهم إلكترونياً وحضورياً؛ ولكن البناة الدائمين هم المخلصون من المربين والعلماء والمخترعين.

*****

* وهنا ولأن (مجتمعنا) ليس بمعزل عن هذه الظاهرة المجتمعية العالمية الغريبة واللا معقولة؛ فما أرجوه سرعة معالجتها والسعي للخروج من نفقها المظلم من خلال تضافر وتكامل جهود مراكزنا البحثية وجامعاتنا ومؤسساتنا التربوية والإعلامية في تنفيذ دراسة علمية صادقة تدرس أسباب ودوافع تلك الظاهرة، وتضع مشروعات وبرامج ومبادرات تطبيقية تستثمر مختلف الأدوات والوسائل والمنصات لتعزيز وعي المجتمع وتحصينه من دوائر تلك المخاطر، وجذبه نحو حدود ومناطق المحتوى الأفضل في كافة المجالات؛ وذلك حتى لا نتفاجأ بفئة من أبنائنا وقد تورمت عمداً ومع سبق الإصرار (كروشهِم)!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store