Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

عائلة جزر الكناري والشيخوخة!!

A A
سجلت عائلة أسبانية من جزر الكناري اسمها في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأول عائلة معمرة في العالم عدد أفرادها 12 أخًا وأختًا تتراوح أعمارهم ما بين أكبرهم سنًا (113 سنة) إلى أصغرهم سنًا (90 سنة) وفي احتفالية خاصة شهدتها عائلتهم من أبناء وبنات وأحفاد وأحفاد أحفاد (موجودة في اليوتيوب) تم مشاهدتهم وهم يسيرون كحبات عقد منتظم وفق أعمارهم فرحين مبتهجين يوزعون البسمات على الحضور، واثنان منهم يتكئ كل واحد منهما على عكازه، لكن العدد الأكبر منهم يسيرون واثقي الخطى وبالذات دلوعتهم الصغيرة التي عمرها تسعون عامًا تبتسم للجمهور مؤذنة بالتفاؤل للحياة.

إن مجرد النظر لهذا المشهد يورث في القلب الإيجابية نحو الحياة وأن من عمره ثمانون سنة عليه أن يبدأ مشوار الحياة ويعيش يومه فإن خلفه عمرًا مديدًا، وفعلاً الكثير ممن شاهد الفيديو دخل في نفسه حب الحياة والنظر إليها بنظرة مستقبلية ويبقى هناك أسئلة يطرحها كل من رأى المشهد وهي: أين الشيخوخة من هؤلاء؟ وماهو محل الوراثة من هذه العائلة التي لا تعترف بالشيخوخة؟ وهل الأمر له علاقة بالحياة والعيش في جزر الكناري؟اتمنى أن هذه الظاهرة البيولوجية لا تمر على الباحثين مرور الكرام وأن تدرس من الناحيتين الوراثية والفوق وراثية، أي دراسة جيناتهم وعلاقتها بأسباب الحياة والمؤثرات على الجينات، ممكن مراجعة مقالي «الوراثة وما فوق الوراثة» لمعرفة المقصود بها، حيث يبدو لي أنهم حالة بيولوجية جمعت بين الجينات وما يؤثر على الجينات لتحقيق الحياة الصحية وهذا العمر المديد، فكونهم إخوة وأخوات يعيشون هذا العمر فذلك دليل كبير على أن جيناتهم من النوع الفاخر الذي لا يحمل جينات مرضية وأن الاستعداد الوراثي لديهم لمحاربة الشيخوخة في أوج عطائه، كما أن مما يحافظ على صحة الجينات وعدم تورطها في أي مظهر من مظاهر الشيخوخة إنما هو طريقة العيش في الحياة التي أولها وأهمها الغذاء الصحي، والمشي (الرياضة) ثانيها، والعلاقات الاجتماعية التي أهمها العلاقة الزوجية ثالثها، ورابعها الراحة النفسية، وخامسها النوم الليلي، وسادسها وأهمها العلاقة مع الله.

من المؤكد بيولوجيًا أن تليمرات خلايا هذه العائلة (التليمرات هو جزء طرفي في كرموزومات الخلايا يقاس به عمر الخلايا) من النوع الممتد والباقي وهو مؤشر العمر الطويل وعدم الشيخوخة فإذا أضيف لحالة تليميرات الجينات ما يعمل على إبقائها أكثر ويحفظ صحتها وهي ما يعرف بعوامل ما فوق الوراثة التي ذكرتها أعلاه فإن ذلك أكبر مقاوم للشيخوخة وبذا فإن هذه العائلة نموذج للصحة كونها ذات جينات معمرة أصلاً مضافًا إليها ما يزيد في عمر تلك الجينات من أسباب الحياة، وقد يسأل البعض ماذا في جزر الكناري من أسباب لطول العمر ولا شك أن أول سبب هو أن العائلة مسيحية محافظة على دينها وزادها الروحي جيد وثاني سبب أن العوائل هناك مترابطة اجتماعيًا وثالثًا أن هذه الجزر اشتهرت بالخضراوات والفواكه ومداومة أهلها للتغذية عليها ويقال إن سبب تسميتها جزر الكناري لما له علاقة باسم أحد أنواع الخضراوات أو الفواكه وليس لها علاقة أبدًا بطائر الكناري كما يعتقد البعض، بالإضافة إلى أنه اشتهر عن تلك العائلة أنها محافظة على تقاليدها الأسرية والاجتماعية والتي منها الحرص على النوم المبكر فإذا اجتمعت كما ذكرنا الناحية الوراثية والجينية وسلامتها والناحية فوق الوراثية فإن ذلك أكبر سبب لطرد الشيخوخة فلا شيخوخة مع «الجينات» الصحيحة وما يدعمها من أسباب الحياة بما يعرف «فوق الجينات».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store