Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

الوزارة تعترف بالتقصير!

مأمول من الجهات المسؤولة لدينا أن تتناغم مع رؤية المملكة (2030) ومستهدفاتها، مطلوب منها أن تحقق توجُّهات القيادة الرامية لتقديم خدمات تليق بهذا الوطن وأبنائه والمقيمين فيه؛ من خلال الشفافية والوضوح والحوار الإيجابي والتجاوب المثمر؛ بعيدًا عن تجاهل مطالب المستفيدين، أو التعمية على أقلام الصحافة ووسائل الإعلام، وبعيدًا عن استخدام طرائق الإغراء والمناورة ومصطلحات النفي والتبرير والتأويل؛ فنحن نعيش مرحلة (العزم والحزم).

A A
ربما يبدو العنوان لافتًا، لا لشيء؛ إلا لأن الجهات المسؤولة -في معظم أنحاء العالم- جرت العادة على أنها لا تعترف بالتقصير في أداء مهامها، وفي سياساتها وإجراءاتها، وما تُقدِّمه للمستفيدين من خدمات. الاعتراف بالتقصير يُعد شجاعة؛ بل هو أول خطوة في سُلم التغيير والتعديل للأفضل، وهو أمر يشي بمصداقية الجهة المسؤولة واحترامها للمستفيدين من خدماتها. بالمقابل فإن معظم الجهات المسؤولة لديها (بنك) متورّم بحجج النفي والتأويل والتبرير، هذا إذا تكرَّمت وردَّت على التساؤلات والنقد الموجه لها، وإلا فهي تفضِّل كثيرًا (حالة الصمت)، وتركن في العادة إلى أسلوب (التجاهل والتغافل)، ليس من باب (التعقُّل والحكمة)؛ وإنما من باب (التطنيش) الذي يُريحها من الوقوع في كثير من المآزق. توَّلد العنوان أعلاه بعد قراءتي لخبر صحفي (بالخط العريض) وفي (أعلى الصفحة pdf الأمامية) في صحيفة ورقية كويتية هي صحيفة (الجريدة)، وقد جاء العنوان الرئيس هكذا: (المدارس غير جاهزة للطلبة)، وتحته عنوان فرعي: (الدوام بعد أسبوع والتربية تعترف بتأخر الصيانة ونقص عمال النظافة)، وتحته عناوين فرعية ومنها: (مشاكل مزمنة في جسد الوزارة منذ عقود دون حل جذري ينهي المعاناة المعتادة كل عام). اعترافات جريئة ربما تُعد في عُرف بعض الجهات مغامرة غير محسوبة، لكنها في عُرف العقلاء والمخلصين والفاعلين شجاعة تشي بأن الجهة المسؤولة لديها النية والعزم في التغيير والإصلاح؛ بما يتوازى والاهتمام والدعم الذي تلقاه من قياداتها العليا. يُحسب لوزارة التربية الكويتية هذا الاعتراف الشجاع، ويُحسب لها أنها لم تلجأ لأسلوب الصمت أو النفي أو التبرير والتأويل، (ويُحسب لها أكثر) أنها لم تلجأ لأسلوب التحذير لوسائل الإعلام والمستفيدين من خدماتها، وترفع في وجههم سلاح (التحقيق والمساءلة)، حتى يلتزم الجميع بحالة الصمت ويُردِّدوا عبارة: (كله تمام)، ولو كانت كذلك لما رأينا هذه العناوين الفاقعة تتصدَّر الصفحة الأولى في صحيفة يومية بارزة. يُشكر أيضًا لصحيفة (الجريدة) الكويتية هذه الشفافية التي تقف مع توجهات قياداتها وتحقق توجيهاتها وتطلعاتها في تقديم خدمات متميزة، وهي بهذا تُؤكِّد دور الصحافة الحقيقي المنشود منها. هنا يحضرني ما أكده المقام السامي الكريم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –رحمه الله- حينما أكد على أهمية الرد على ما يُنشر في وسائل الإعلام من مغالطات أو غيره في وقته لإيضاح الحقائق كل فيما يخصه، وهو النهج الذي تنتهجه قيادتنا الحكيمة في عهدها الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله. الأمر الجدير بالملاحظة أن المقام السامي قال (لإيضاح الحقائق) ولم يقل (للنفي والتبرير والتأويل، أو للتحقيق والاستجواب)؛ الذي ربما تلجأ له بعض الجهات. ما ينبغي التأكيد عليه هو أن الاعتراف بالتقصير لا يعني أن الجهة المسؤولة لم تُقدم شيئًا، ولا يعني اعترافها بالتقصير أن ذلك يؤدي حتمًا إلى زحزحة مَن هم على رأس هرمها، ولا يعني ذلك التشكيكَ في مقاصدها ونواياها؛ وإنما يعني في المقام الأول نزولها عند توجيهات القيادات العليا واحترامها للمستفيدين منها، وتفهُّم مطالبهم ومعاناتهم والإقرار بأهمية آرائهم والأخذ بالأصلح منها، وما يتبع ذلك من تعديل المسار وتصحيح الاتجاه وتحديث الإجراءات لهذه الجهة أو تلك، وهو ما ينعكس إيجابًا على خدماتها المقدمة ويؤدي في نهاية الأمر إلى ملامسة تخوم الرضا لدى المستفيدين. مأمول من الجهات المسؤولة لدينا أن تتناغم مع رؤية المملكة (2030) ومستهدفاتها، مطلوب منها أن تحقق توجُّهات القيادة الرامية لتقديم خدمات تليق بهذا الوطن وأبنائه والمقيمين فيه؛ من خلال الشفافية والوضوح والحوار الإيجابي والتجاوب المثمر؛ بعيدًا عن تجاهل مطالب المستفيدين، أو التعمية على أقلام الصحافة ووسائل الإعلام، وبعيدًا عن استخدام طرائق الإغراء والمناورة ومصطلحات النفي والتبرير والتأويل؛ فنحن نعيش مرحلة (العزم والحزم).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store