Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

ليس في منتصف العمر أزمة!!

A A
أشار القرآن الكريم تلميحًا إلى منتصف العمر وأنه سن تكتمل فيه النواحي البيولوجية في جسم الانسان وتنضج فيه النواحي النفسية لفهم الحياة، حيث يقول الله سبحانه وتعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

فالقرآن الكريم نظر إلى هذه المرحلة من العمر نظرة إيجابية بأن وصف أجهزته البيولوجية في أحسن حالاتها ولا تعاني من أي قصور في الشكل أو الوظيفة، فالقلب والكبد والكلية والدماغ والجهاز الهضمي والتناسلي والبولي وكل خلية في الجسم تنبض بالعمل وذات كفاءة عالية وأداء مستمر وذلك كله يكون عند تمام الأربعين سنة، ولذلك فإن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ابتعث في سن الأربعين وأن توجيه القرآن الكريم بعد هذه النعمة ذات الكفاءة العالية طلب أن يديم الإنسان الشكر لله على هذه النعم، وأن تكون النظرة في هذه المرحلة العمرية إيجابية وأن تلك الحالة من الاستقرار توجب عليه القيام بأعمال منتجة وصالحة يستفيد منها في دنياه وآخرته والتي تشمل كل جوانب الحياة التعبدية والاجتماعية والاقتصادية فكأن الدعوة عند منتصف العمر أن يستمر الانسان في الإنتاج والأداء والمحافظة على المكتسبات البيولوجية والنفسية التي منحت له في هذا العمر والتي مكنه الله منها وذلك لا يكون إلا بأن يكون نمط الحياة صحيحًا فالنوم لابد أن يكون كافيًا لأنه صحة، والرياضة لابد لها من أوقات لأنها سببٌ للعافية والغذاء المفيد يمنح الجسم الطاقة والراحة النفسية والتربية الروحية والتزود الثقافي والعلاقات الاجتماعية كلها يجب أن تعمل سويًا لبقاء أداء الأجهزة البيولوجية في أحسن عطاء لها لتستمر الحياة وذلك كله يحسن من العمر البيولوجي الذي بإذن الله يكون سببًا في امتداد العمر الزمني للإنسان.

إن على كل مستشار أسري ونفسي أن يبتعد عن تهويل أمور الحياة وإلحاق منتصف العمر بأزمة وهي ما قد تكون من مشاكل صحية أو اجتماعية تمر في أول العمر أو وسطه أو آخره فليس هناك شيء اسمه أزمة منتصف العمر إنما ظروف تصاحب تلك الفترة من العمر استحدث لها البعض تسمية للاكتساب منها.

فتوظيف الكلمة والتوجيه والإرشاد يجب أن يكون إيجابيًا وليس أزمة وهو ما وجه إليه الرسول الكريم من ضرورة التفاؤل في الحياة كلها أولها ووسطها وآخرها حتى لحظات قيام الساعة على الإنسان أن يغرس فسيلته التي بيده متفائلاً بقدوم الحياة لا إدبارها، ولم يحالف الحظ أحد المستشارين عندما صدم المذيعتين بأن أظلم في وجههن مستقبل الحياة بقضية أزمة نصف العمر بأن سيسلب منهما كل شيء جميل فالاستبشار بما هو آت توجيه قرآني رباني ومع ما عليه زوجة سيدنا إبراهيم من عمر ووصفت بأنها عجوز عقيم كانت البشارة (فبشرناه بغلام حليم) أما الصفع في الوجه في الخطاب والحوار فإن من شأنه الوجع والألم والسلبية والإحباط فالحياة تتعدد أيامها وكل صباح يختلف عن سابقه لأنه يزهر من جديد ويحمل معه كل جديد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store