بسبب «ما فوق الوراثة».. أنت ليس هو!!

يؤكد علم الوراثة 100٪ أن أي إنسان لا يمكن أن يشبه إنسانًا آخر 100٪ ولا حتى التوائم المتشابهة، وكما أن كل إنسان سيأتي ربه يوم القيامة فردًا (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) محملا بأعماله وله كتابه الذي يحتوي على نسخة من كل ما عمله لا تشبه نسخة أي إنسان آخر (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، وكذلك الإنسان في حياته الدنيا هو إنسان مستقل بذاته منفرد بصفاته، له بصمته الوراثية الخاصة به ولا يمكن أن تتطابق مع أي إنسان آخر، ومع ظهور ووجود صفات شكلية مشتركة مع غيره خاصة أقاربه أو الذين انحدر منهم من السلالة والتي قد تكون أكثر ملاحظة في التوائم المتشابهة يظل الوصف لكل واحدٍ «أنت شخص آخر.. أنت ليس هو» ذلك أن نظرية ما فوق الوراثة التي شرحتها في مقال سابق تؤكد أن أنماط الحياة life styles لها تأثيرها على الجينات وقادرة على التحكم بها.

لقد تعددت أنماط الحياة ما بين الغذاء الصحيح والنوم الصحي والعلاقات الاجتماعية قريبة المدى (الزوجة والأبناء والأقارب) وبعيدة المدى (الأصدقاء والجيران والزملاء) والرياضة السليمة واحتياجات الروح من التعلق بالله وتأكيد التوكل عليه والرضا بما كتب وقراءة القرآن وكل ما يغذي الروح والاستمتاع بما يتوفر للنفس من معطيات الحياة وتجريدها من الغل والحسد والحقد وأعمال الفكر والعقل بما ينميه من تمارين ذهنية.

كل ما سبق هو ما أشارت إليه الأبحاث والدراسات من أنه فاعل في جينات الإنسان إن كانت إيجابية فإنها تمنح الجينات مزيدًا من الأحسن للبقاء وعدم الشيخوخة وإن كانت سلبية فإنها تعطل الجينات وتؤثر عليها سلبيًا وتعجل في شيخوختها لأجل ذلك مهما حصل من تقارب في تأكيدات الجينات والنواحي الوراثية فإنه يظل التفاوت فيما أعطى الله كل واحد من رزق في أنماط الحياة وترك له الاجتهاد في تحصيلها من باب قوله تعالى (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ).

إن لكل شخص مقدرته في السعي لجلب رزق أنماط الحياة ومع هذا يبقى أن استدرار الرزق في أنماط الحياة شيء مطلوب شرعًا من باب أعقلها وتوكل، وأقرب مثال لذلك التوأم المتشابه المؤكد نمطهما الجيني فإن كل واحد منهما شخص مختلف عن الآخر، فهما يختلفان في أنماط الحياة في نومهما وغذائهما وعلاقتهما الاجتماعية وبقية أنماط الحياة وبسبب ما فوق الوراثة فكل واحد منهما شيء آخر يختلف عن الآخر.

فجاهد بالذي وهبك الله إياه من الطاقات والإمكانات لأن التشبه بالغير ومحاولة الاقتباس منهم ما لا يمكن أن يكون لديك من إمكانية يعتبر انتحالًا لا يتحقق عنه نجاح إنما يكون إخفاق لأن ما عندك من نقاط قوة وأنماط الحياة لم تمنح لغيرك وهي سر إنك أنت وليس هو!!