Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

أسباب العزوف عن الزواج

A A
هناك ما يشبه الظاهرة في المجتمع وهي عدم إقدام الشباب على الزواج إلا في سن متأخرة وعدد منهم ليس لديه رغبة في الزواج أساسًا..

النمو في هذا التوجه في المجتمع يعد في المستقبل بكارثة سكانية وهي تسري في جسد المجتمع لا تظهر نتائجها إلا بعد عشرين عامًا تبعًا لانخفاض نسبة المواليد، كنت أظن كغيري أن السبب خلف ذلك هو تكاليف الزواج والاشتراطات المجتمعية من مهر وشبكة وإقامة حفلة العرس فقط إلا أنه اتضح أن الأمر يحمل أسبابًا أخرى، لعل في مقدمتها موت الرغبة وانخفاض الحث الهرموني عند فئة محددة من الشباب وهم أولئك الذين يمارسون الرياضة ويحرصون على تربية عضلاتهم وتناول بروتينات وهرمونات لتنمية أجسادهم وتضخيمها وذلك له أثر سلبي على رغبتهم الجنسية وتمكينهم من أداء واجب العلاقة الحميمة كما أخبرني بعض الأطباء المتخصصين بذلك.. لقد أثرت الفاعلية الفسيولوجية والهرمونية على التوازن الهرموني فيما يخص التدفق الهرموني الطبيعي لأعضاء الجسم مما سبب عدم القدرة على القيام بالواجب، إذًا العزوف عن الزواج يعود إلى عدة أمور وليس أمرًا واحدًا، منها كذلك ضعف الثقة بين الشباب والشابات نظرًا لما يرونه في وسائل التواصل الاجتماعي من مشاكل الطلاق والخلع وعدم استقرار حالات المتزوجين حديثًا فغابت القدوات الاجتماعية في الزواج إضافة لما لحق بعض الزيجات القديمة من تخبيب بين الأزواج فتسبب عنه الطلاق والخلع على مستوى الوالدين فعندما ينظر الشاب أو الفتاة لذلك يشتري دماغه بالعزوف عن الزواج لأنه يرى في أبيه وأمه ما يجعله يعزف عن الزواج ومشاكله. ولعل سببًا رابعًا وهو عدم الحصول على الوظيفة عند التخرج إلا متأخرًا أو وظائف لا توفر رواتبها متطلبات الحياة الزوجية، وكذلك من الأسباب عدم تقدير الفتيات لقيمة الزوج في الحياة نظرًا لأنها تمتلك وظيفة ولديها راتب تستغني به عن الزوج والبقاء معه والصبر عليه فتبادر للمطالبة بالخلع، وخامس الأسباب عدم تقدير المسؤولية لدى الأزواج الشباب حيث يرى في زوجته بعض الصفات مثل انها غيورة أو جافة عاطفيًا أو تظهر شيء من التسلط عليه أو لا تبدي احترامًا لأمه أو لا تجيد الطبخ أو كثرة المتطلبات.

كل ذلك يحتاج منه للتريث وليس المبادرة لإشهار سلاح الطلاق فالأسباب عديدة والمستهدف واحد وهو زيادة العزوف عن الزواج ولقد شجع على ذلك التباهي بالعزوبية وإطلاق «يوم العزاب العالمي» الذي يمجده فئة من الشباب والشابات في التواصل الاجتماعي وإطلاق العنان لذم الزواج والحياة الزوجية مما يساعد على تبني العزوبية والعزوف عن الزواج وهذا خلاف الفطرة، لأن الزواج سنة نبوية بقوله عليه السلام لمن جاءه قائلاً: لا أتزوج النساء فرد عليه السلام قائلاً: (أما أنا فأتزوج النساء ومن رغب عن سنتي فليس مني) وجعل له عليه الصلاة والسلام توجيهًا محددًا للشباب بقوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج) متفق عليه، ولاشك أن الشاب والشابة مع الأجواء الملوثة في أوعية التواصل الاجتماعي يحتاج كل واحد منهم أن يلبي الرغبات الفطرية بالحلال والزواج الذي ينبني عليه تكوين أسرة وذرية تحقيقًا للدعاء الذي يطلبه عباد الرحمن ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾، أما غير ذلك فإن حياة العزاب ظاهرها سراب ومضمونها عذاب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store