Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

جودة الجامعات من جودة مناهجها

A A
أكاد أجزم -قلت أكاد، لم أجزم بعد- أن هناك من أساتذة الجامعات من يدرس منهجًا جامعيًا لا تزال مراجعه ما قبل عام الألفين، وإن هذا مرده الكسل في تحري الجديد في مجال التخصص بذريعة أن ما يقوم بتدريسه هي معلومات أساسية لا تتغير ولا تزيد ولا تنقص ويدخل في ذلك الشعور بأن الحصول على الدكتوراه أو الترقية هي آخر المطاف العلمي والبحثي وبالتالي الاستغناء عن الجديد والاعتماد على مذكرة عفى عليها الزمن، فكل من هم على هذه الشاكلة حتى ولو كانوا قلة في جامعاتنا فإن ما يقدمونه يعد منهجًا «بايت» في عرف التقدم العلمي والتواصل الإلكتروني والجامعات العالمية المتميزة، ونحن هنا نتكلم عن المواد التي لها صفة التطوير والتحديث في محتواها أما غير ذلك من المواد فليس مما نعني هنا.

ولو قارنا هذه الفئة مع الحاصلين على الدكتوراه حديثًا فغالبًا يتميزون عنهم بأن مناهجهم متطورة وحديثة المراجع، ومن هنا تكون أهمية التأكيد على جودة المناهج وضرورة الحصول على الاعتمادات الأكاديمية التي أهم ما فيها أن جهاتها المسؤولة والمحكِمة تعتمد التركيز على محتويات المواد (المنهج) وطريقة التدريس وأوراق الأسئلة والأجوبة والمراجع التي يعتمد عليها أستاذ المادة والمادة أصلاً التي يدرسها هل هي وفق إرشاد عالمي بما يعرف بالـbenchmarke ثم يتبع بعد ذلك الشكليات الخاصة بالمعامل والمكاتب والإخراج الفني للأقسام العلمية.

إن المسؤولية الأولى لتطوير المناهج مناطة بأعضاء هيئة التدريس والمسؤول الأول في المتابعة لتحقيق ذلك هو رئيس القسم.. وكان معالي الأستاذ الدكتور غازي مدني مدير جامعة الملك عبدالعزيز الأسبق -رحمه الله- يقول: إن أهم شخص في الجامعة في العملية التعليمية هو رئيس القسم، أهم حتى من مدير الجامعة وعميد الكلية لأنه العين الناظرة والمتابعة.

فالاهتمام بجودة التعليم في الجامعات إنما يكون في جودة مناهجها وتقييم المناهج يعتمد على أمرين، أولهما أن يكون في داخل الجامعة جهة متخصصة لمراجعة المناهج وهي وحدة المناهج وأن تكون هناك عمادة متخصصة تتابع الجودة التعليمية من خلال الاعتماد الأكاديمي الذي تقوم به جهات من خارج الجامعة وقد بادرت بعض جامعاتنا العريقة مثل جامعة الملك عبدالعزيز مبكرًا بإنشاء هذه العمادة، وقد حصلت معظم الكليات على الاعتماد الأكاديمي الأمريكي العالمي ABET والاعتماد الأكاديمي الوطني NCAAA وتحقيق الجودة في التعليم يمنح الجامعة سمعة محلية واقليمية وعالمية.

بقى نقطة أخيرة فيما يخص تطوير المناهج وهي قدرة الجامعات على إيجاد مناهج تتوافق مع متطلبات التوظيف في سوق العمل مما يقتضي تجديدًا في مسميات الدرجات التي تمنح في الجامعات وفِي المحتوى بحيث يلامس متطلبات سوق العمل ما أمكن حتى ولو اقتضى الأمر الاكتفاء بدرجات الدبلوم لتخصصات يمكن من خلالها التوظيف للخريجين ولست مع من ينادي بان الجامعات إنما هي دور للعلم فقط والمعرفة البحتة فقط فاليوم مع التقنيات الحديثة وتعدد مجالات العلوم وتنوع متطلبات سوق العمل يمكن تكييف بعض التخصصات لأن تخدم في توظيف الشباب عند تخرجهم بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 ومن أجل ذلك بادرت وزارة التعليم فأنشأت أربعين كلية تطبيقية ذات تخصصات معظمها يتحقق عنها التوظيف وتمنح دبلومات تعزز سرعة التوظيف فالمناهج في الجامعات يمكن تطويعها وتطويرها فيما يخدم الهدف من التعليم سواء في التقدم العلمي والبحثي المحض أو في خدمة التوظيف وسوق العمل والمهم في الاثنين هو جودة الجامعات والتي لا تتحقق إلا من خلال جودة مناهجها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store