Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التسامح وسيلة سامية للتضامن العالمي

No Image

A A
يعتقد البعض أن التسامح لا يكون إلا من ضعف وهذا مفهوم خاطئ وغير صحيح بل على العكس هو من علامات القوة، بل إنه هو تلك القوة التي تضبط تعامل الناس لتعطيهم حقهم في حسن التعامل الذي ينبع من قوة، فلا يمكن أن يكون حسن التعامل نابعا من خوف، خصوصًا عندما تكون ثقافة التسامح منتشرة بين المجتمعات المخلوطة، ومن المعروف ان الدول القوية تجد بينهم تسامحا واندماجا واحتراما للثقافات وللتنوع الحضاري بعكس المجتمعات الضعيفة والتي لا مكان للتسامح بينها وبالتالي هي بيئة خصبة للتخلف والرجعية ليصبح عدم وجود التسامح دليل ضعف للمجتمعات.

وعدم وجود ثقافة التسامح يجعل الدولة في طور متأزم محدود النمو ولا وجود للتطور وإذا وجد فهو ضعيف، لأن جل جهود الدولة تصب دائما في الانتقام الداخلي او الانتقام الخارجي من دولة مجاورة معادية لها وبالتالي تنقل ثقافة العداوة بين الشعوب والاعراق، وما يقع على النظام السياسي ونظام الدولة بشكل كامل يقع على مستوى الفرد حيث إن عقلية غير المتسامح لا يرتاح إلا بتحقيق الانتقام حتى تنطفئ النار الداخلية لكن الحقيقة أن هذا يولد لدى المنتقم طاقة الغل والحسد وبالتالي يكون مردودها سلبًا على غير المتسامح، لذا غير المتسامحين تجدهم في دوامة من العراك وفي مجهود بدني وعقلي في حدود الصراعات، على ذلك ما أحوجنا للتسامح في كل شؤون حياتنا حتى يتعايش الجميع ويتجنبون المجهودات والطاقات المهدرة في الخلافات.

وقد حثت كل الشرائع على التسامح ودعت إليه ومنها الإسلام هذا الدين العظيم الذي حث عليه وأرشد الناس الى كل طرق التسامح في كل شؤون حياتهم ومنها أن جعل الله العفو والصفح من صفات أصحاب التقوى، وحث عباده على أن يحدوا من غضبهم ويعفوا عمن أساء لهم لكسب رضى الله سبحانه وتعالى وجاء ذلك في الآية الكريمة (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

إن التسامح يساهم في صناعة حوار حضاري مع الآخر ويسهم في تجاوز أي معوقات لتعايش يعود خيره على الجميع ليعيشوا في أمن وأمان وسلام، إن التسامح يعني الاعتراف بالآخر بكل ما يملكه من مقومات مهما كانت، ليساهم في التنوير ورفع الوعي والإدراك، والجميع يعلم أنه من الطبيعي أن كل شخص عنده جزء من الألم داخله لكن لو عرف قيمة التسامح حتمًا سيكون سباقًا للتسامح مع النفس ومع الناس.

والتسامح قد يكون تنظيما بيد النظام والسلطة لكنه لن يكون حقيقيا كما لو كان منتشرًا في وعي الناس وإدراكهم بكمية ما يحمله المجتمع المتسامح من عطاء وإنتاج ورخاء، لأن افكار الناس عامة هي طاقة تكون إيجابية متى ما عرفنا كيفية الاستفادة منها، كما أن الاحترام المتبادل والاعتراف بالحقوق والحريات الأساسية للآخرين هو أساس التسامح التي تبدو في حسن الأخلاق وحسن التعامل ولطفها، وهي من الأمور التي تحتاج إليها الحياة اليومية، ولن يلزمها النظام والسلطة من خلال القانون والقضاء.

إن نشر ثقافة التسامح بين الدول هو من تعزيز التضامن الإنساني من أجل نشر التوعية بأهمية السلام في دعم حياة الشعوب ومواجهة أي تحديات تواجه الإنسانية وما أكثرها في عصرنا هذا، لذا وجب أن يكون هناك يوم عالمي للتسامح وهو 16 من نوفمبر من كل عام حتى تنتشر ثقافة التسامح والتي هي من الإنسانية وفي أوج واعظم درجاتها، وأن تتسامح الشعوب والأعراق لكي تنهض الإنسانية وتزدهر الأرض بالعطاء والإنتاج والوعي الجماعي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store