Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رفقاً بالمرافق..!

رفقاً بالمرافق..!

A A
تُعد ظاهرة تشويه المرافق العامة من السلوكيات السيئة التي تلقي بظلالها على مجتمعنا نتيجة تصرفات غير مسؤولة من قبل فئة يغيب عنها الوعي بأهمية المسؤولية الاجتماعية، كذلك في ظل غياب الذوق العام والجهل التام بأهمية هذه المرافق والممتلكات العامة في حياتنا الاجتماعية، وتطول هذه الظاهرة في المقام الأول المشاريع البلدية والتي دوماً تتعرض لعبث العابثين بالتكسير والتشويه.

وكما يسعى الإنسان بشكل عفوي وتلقائي إلى المحافظة على أغراضه الخاصة والأماكن التي يمتلكها بشكلٍ شخصي فإنّ من حق الدولة -رعاها الله- على كلّ مواطن ومقيم الاهتمام بنظافة هذه المرافق والأماكن العامة، والحفاظ عليها، وعدم إلحاق أيّ أضرار بها، والحرص على أن تبقى خالية من كل ما يشوّه مظهرها أو يعرقل سير العمليات فيها، ويدخل تحت إطار الأماكن العامة كلّ من الشوارع، والأرصفة، والحدائق والمسطحات الخضراء. وللأسف الشديد فإن نظرة سريعة على الحدائق والمتنزهات والمرافق العامة -وهي حق مشترك للجميع- نجدها قد طالتها أيدي العبث والتخريب بأساليب تنم عن جهل وعدم إحساس بالمسؤولية، فليس بجديد ولم يعد بمستغرب أن نشاهد التشوهات البصرية، وظاهرة الكتابة على جدران المنازل والمرافق العامة وعلى جوانب الطرق، وإلقاء المخلفات في الأماكن غير المخصصة لها، ليس ذلك فحسب بل إن هناك من يقوم بتحطيم المقاعد والطاولات والوسائل الخدمية الأخرى التي توضع كوسائل ترفيه مجانية في الحدائق والمتنزهات ليستفيد منها الجميع، وأشد من ذلك حين يطال التعدي والتخريب أماكن دور العبادة والأبنية التابعة لها كدورات المياه والساحات الخارجية، إضافةً إلى ما سخرته الدولة من خدمات مجانية وضعت لتحقق المزيد من الترفيه وعوامل الجذب السياحي وتعزيز جودة الحياة.

ومن الممارسات الخاطئة التي يقدم عليها بعض أفراد المجتمع، إطعام الطيور والحيوانات بفائض الأطعمة من الأرز والعيش والمأكولات الزيتية ووضعها على الأرصفة والميادين، بحسن نية وابتغاءً للأجر والمثوبة، إلا أن هذه الممارسة تتسبب في تلوث البيئة وتشكل خطراً صحياً وبيئياً على المجتمع، وتساهم بشكل كبير في تدني مستوى الإصحاح البيئي وانتشار الحشرات وتتسبب في اتساخ الأرصفة وانتشار الروائح الكريهة، الأمر الذي يؤكد أهمية قيام الجهات ذات العلاقة بمتابعة هذه الظاهرة السلبية، وإيجاد حلول لها عبر تخصيص أماكن مهيئة لإطعام الطيور والحيوانات والقضاء على الظواهر العشوائية وإيجاد بيئة خالية من مسببات الأمراض. ولعل تساؤلاً يجد له حظاً من التأمل والاستقراء يتلخص في الآتي: هل تبعات تشكيل الوعي وغرس القيم والمبادئ تنحصر فقط على التربية الأسرية والمؤسسات التعليمية دون تقاسم عناصر أخرى للمسؤولية؟ خاصة إذا ما علمنا بأن الإعلام أضحى في زمننا له إيقاعه اللافت وحضوره المؤثر، إلى جانب تحمل بعض القطاعات الخدمية جزءًا من المسؤولية بإهمال صيانة بعض الممتلكات وغياب الرقابة اللاحقة لتلك المشروعات الحيوية، والمحافظة على الممتلكات العامة من أن تطالها يد الاعتداء والعبث.

إن من يتابع جهود الدولة يجد أنها قد خصصت مبالغ طائلة من ميزانيتها العامة لاستثمارها في ما يخدم المواطنين والمقيمين ويحقق رفاههم عن طريق إنشاء الممتلكات العامة والعمل على صيانتها بشكل دوري، ولهذا فإنّ في محافظة الأفراد على هذه الممتلكات من التخريب ضماناً لاستمرارية انتفاع الأفراد من هذه المرافق الضرورية، كما أنّ تلك الأموال التي كانت ستُخصص لإعادة صيانتها بعد التخريب مثلاً ستُستثمر في مشاريع اقتصادية ذات فائدة وجدوى للمواطن والمقيم، بالإضافة إلى أنّ بقاء هذه المرافق العامة سليمة وخالية من الخراب يعكس وجهاً مشرقاً عن الدولة ووعي الأفراد فيها مما يزيد من فرص الجذب والاستثمار السياحي.

كما ويجب على القطاعات الحكومية والأهلية التي تعنى بالشأن الاجتماعي بأن تبادر بتطوير خططها الإستراتيجية وإمكانياتها وبرامجها التوعوية التي ينبغي أن تصل لكافة الشرائح المجتمعية واستهداف السلوك الفردي بوسائل الجذب التي تنمي الصفة التشاركية لحماية كافة المرافق والممتلكات العامة، إضافة إلى ضرورة تنسيق الجهات ذات العلاقة في ما بينها لرصد مخالفات العبث بالمرافق الخدمية من خلال وضع الكاميرات وفرض العقوبات والجزاءات الرادعة بحق المخالفين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store