Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المحاكم السعودية قبل وبعد منصة ناجز

المحاكم السعودية قبل وبعد منصة ناجز

A A
أثناء تصفح (الإنترنت)، لفت انتباهي بشدة جملة مضمونها «لو كنت في ثادق وتريد رفع قضية ضد خصمك في تبوك فكيف ستكون الرحلة؟»، فاتجه تفكيري بادئ ذي بدء إلى البحث عن البعد الجغرافي بين المنطقتين في المملكة العربية السعودية، ووجدت أن ثادق تقع في شمال عاصمتنا الحبيبة الرياض وأن تبوك تقع في شمال غرب بلادنا، والمسافة كبيرة بينهما حيث تبلغ تقريباً 1215كم، ما يعني أن المسافر سيستغرق 10 ساعات للوصول بالسيارة من ثادق إلى تبوك.

لكن عند رجوعي إلى العبارة الاستفهامية أعلاه، وجدت أن المقصود هو بيان حجم التطور الذي تشهده محاكم المملكة العربية السعودية من حيث سهولة التقاضي «عن بُعد»، وسرعة إنجاز القضايا في وقت قياسي.. وهذا بطبيعة الحال يعود إلى ريادة المملكة في التحول الرقمي، واستحداث المنصات الحكومية الإلكترونية التي تقدم الخدمات المتنوعة.. ولنا في منصة «توكلنا» خير مثال، فلا يوجد وصف يشرح الحسن والإتقان والتكامل في هذه المنصة التي نظمت جوانب مهمة في حياتنا وقت أزمة كورونا العالمية، وغدت مثالاً تحتذي به دول العالم، وإذا ذكرنا منصة «ناجز» فعجبًا لتلك الخدمات التي توفرها لحل جميع التحديات التي كنا نواجهها في المحاكم السعودية، فالإبداع والابتكار يتمثل في سرعة وتسهيل إنجاز المعاملات القضائية عن طريق هذه المنصة. فعلا!! الآن أعرف ماذا أقول.

أوجز لكم هنا تجربة شخصية قضائية لمشكلة معقدة تعرضت لها، وأستطيع أن أعنونها بـ»المحاكم السعودية قبل وبعد منصة ناجز».. حيث ابتدأت القصة عام 2016م عند شرائي شقة تحت الإنشاء بمدينة جدة وبعقد مبايعة مع إحدى شركات التطوير العقاري، وفي بداية عام 2017م استلمت الشقة على أن يتم إفراغ الصك لي في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر بعد التسليم، إلا أن الأشهر الثلاثة مضت، بل انقضت سنة كاملة ولم أستلم الصك.. وفوجئت في ذات مساء بطارقٍ للباب يسلمني خطابًا فيه طلب لي بإخلاء شقتي؛ لأنها أصبحت ملكًا لإحدى شركات التطوير العقاري، ولدى أصحابها صك ملكية العمارة كاملة، وبطبيعة الحال استلم جميع ملّاك شقق العمارة خطابًا مشابهًا؛ لنكتشف أننا وقعنا ضحايا احتيال من شركة التطوير العقاري الأولى التي اشترينا منها.

وعلى غير العادة، انتابتني حالة من الهدوء، وعند بحثنا في الموضوع لمعرفة التفاصيل؛ تبين لنا أن صاحب شركة التطوير العقاري الذي باع لنا الشقق أفرغ صك العمارة لابنه الذي يعتبر عضو مجلس إدارة بالشركة، وابنه بدوره رهن العمارة لشركة تطوير عقاري أخرى، وعندما تعثر في السداد لهم؛ أصبحت العمارة بحوزتهم، والأدهى والأمرّ أن صاحب الشركة قدم طلب إعلان إفلاس للمحكمة، ولكن بفضل الله ثم دهاء قضاتنا، رُفِض الطلب لظهور وجود سوء نية وراءه.

آنذاك لم يكن لدي المقدرة على توكيل محامٍ بمبلغ باهظ، فرفعت صحيفة دعوى بمساعدة أحد المستشارين القانونيين وحضرت جلسات المرافعة بنفسي.. الجلسات كانت تتأخر جدًّا، فكل ثلاثة أشهر تكون هناك جلسة، واستمرت هذه المعاناة من عام 2018م إلى حصول أزمة كورونا، وحينها بدأ ينتابني اليأس بسبب ما سمعته عن المحاكم من التأخر الشديد في إنهاء القضايا، وأيقنت داخليًّا أن القضية ستطول كثيرًا مع الشعور بالقلق من إخراجي من منزلي.. ومع بداية أزمة كورونا، زاد الأمر سوءًا حيث أغلقت الجلسات في المحاكم وصار الأمر معقدًّا، وأدى هذا إلى إهمال الموضوع من قبلي لفترة معينة. لكن حكومتنا الرشيدة تدخلت لمعالجة الوضع، وأنشأت منصة «ناجز»، وكانت بداية التغيير لخدمات المحاكم الإلكترونية والتقاضي الإلكتروني، حيث بدأت المنصة بخدمات محدودة، ثم تطورت بشكل كبير جدًّا ومتسارع، وهذا ما ساعدني في الانتهاء من القضية خلال أربع جلسات، وكانت المدة بين الجلسة والأخرى شهرًا واحدًا فقط، إلى أن وفقني الله وصدر الحكم بإفراغ صك الشقة لي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store