Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

«ما من عام أمطر من عام»

A A
«الماء» هذا المكون الكيميائي العجيب، يتشكل في حالة سائلة وهي الأساس، ثم يتشكل في حالة غازية وهي بخار الماء، وثالثًا يكون في حالة صلبة وهي الثلج والجليد، جعل الله فيه قدرة عجيبة على حل المركبات الكيميائية واذابتها بل والصخرية وله خصائص ومميزات فيزيائية وكيميائية لا توجد مجتمعة الا فيه ندرّسها بالتفصيل في مادة الأحياء العامة، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى جعل منه كل شيء حي (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).

يقترن الماء بالمطر كحالة انزال من السماء ويعتبر في انزاله من السماء آية من آيات الله الكونية لفت القرآن الكريم اليها في ثلاثين موضعًا من القرآن الكريم ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) فهو بهذا الاعتبار من أجل نعم الله في حياة الانسان تستوجب شكر المنعم سبحانه وتعالى عليها فهناك أناس وشعوب يقتلهم الظمأ وتفتقر خلاياهم الى جرعة ماء.

إن الماء نعمة ونزول المطر نعمة ووصف الله سبحانه وتعالى المطر ونزوله رحمة، وهناك من يخطئ فيقول ان كلمة مطر إنما تعني فقط عذاب وخاصة إلحاق العذاب بالأمم السابقة مستشهدين ببعض آيات من القرآن الكريم كقوله تعالى (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍۢ) وهذا غير صحيح والصحيح انها تستخدم في حالة العذاب وفي حالة الرحمة لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح «مطرنا بفضل الله ورحمته» لذلك من السنة الدعاء بعد نزول المطر بهذا الدعاء وهو قولنا مطرنا بفضل الله ورحمته.

ويبقى هنا السؤال الأكثر أهمية وهو هل نزول الماء والمطر من السماء محسوب أو غير محسوب؟ يقول الله سبحانه وتعالى (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ)، فكلمة بقدر أي بكمية محدودة كقوله تعالى (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) كقوله تعالى كذلك في خلق الانسان (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) وكلها تعني هنا البرمجة السابقة قبل حصول الشيء فتقدير وبرمجة تكوين (خلق) الانسان يكون محددًا في جيناته مسبقًا في مرحلة النطفة الأمشاج (البويضة الملقحة).

ونزول الماء من السماء كذلك مقدرًا ومبرمجًا تقديرًا من الله وبنفس النسبة والكمية على الأرض في كل عام الا أن تصريفه وتوزيعه يكون بأمر الله على من يشاء من أهل الأرض ويصرفه عن من يشاء وقد أشارت بحوث ودراسات الأرصاد والمياه الى ذلك ويمكن العودة اليها عند أهل الاختصاص، وهو ما أشارت اليه مجلة الاعجاز العلمي بالتفصيل لأحد المتخصصين في عددها الثاني والعشرين وذلك ما أشارت اليه الآية الكريمة انه بقدر وبكمية محدودة، هذه الكمية المبرمجة والمقدرة أشار اليها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه الحاكم والبيهقي في قوله عليه السلام بقوله (ما من عام أمطر من عام ولكن يصرفه الله حيث يشاء، ثم قرأ: ولقد صرفناه بينهم) فسبحان من بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store