Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

باعشن.. «مندل» الوراثة!!

A A
وفد إلى ربه بعد معاناة طويلة مع المرض أستاذنا البروفيسور نبيه عبدالرحمن باعشن عميد كلية العلوم الأسبق وأستاذ علم الوراثة في جامعة الملك عبدالعزيز، وأرثي هنا من علمني وفهمني علم الوراثة في مرحلة البكالوريس حيث كان بحق نابغة في تخصصه ومبدعًا في عطائه العلمي، ويعد -رحمه الله- من مؤسسي قسم الأحياء في كلية العلوم.

لقد استطاع من سعة اطلاعه وعلمه البيولوجي أن يؤلف كتبًا في الأحياء العامة للمستويين الأول والثاني وأزعم أن كثيرًا من أساتذة وطلاب الجامعات السعودية استفاد منها، كما له باع كبيرة في الإشراف على طلاب وطالبات الدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراة.

لقد تميز بملكة في التدريس والشرح العلمي لأصعب المواد البيولوجية وهي مادة الوراثة والتي صنعها وأسسها العالم البيولوجي النمساوي جريجور مندل الذي توفي عام 1884، الذي وضع قواعد الوراثة بين عامي 1856- 1863 ويشار إليها الآن باسم قوانين علم الوراثة المندلية في النبات، وكان البروفيسور نبيه -رحمه الله- مغرمًا بشرح قوانين العالم مندل بل ويبسط فهمها للطلاب بضرب العديد من الأمثلة في عملية تهجين أنواع متعددة ذات صفات متباينة ومع أنها من أصعب الأمور فهمًا إلا أن إعطاء التمارين فيها وبأسلوب سهل يجعلها أكثر فهمًا واستيعابًا وهذا ما كان يقوم به الدكتور نبيه.

إن تدريس وتأليف كتب في علوم متخصصة هو موهبة من الله، وقد قام -رحمه الله- بالمشاركة مع بعض الزملاء الدكاترة في القسم (أحمد أبوخطوة وحسن فلمبان وزراق الفيفي) بتأليف كتابين مهمين في مقدمة علوم الأحياء، وأتذكر بعد عودتي من البعثة وتدريسي لعلم الأجنة، حثني كثيرًا على التأليف وغمرته السعادة عندما انهيت تأليف كتابي المدخل إلى علم الأجنة الوصفي والتجريبي وكان الكتاب العلمي الأول لي في التأليف والذي استفاد منه عدد كبير، وتلاه بعد ذلك كتب أخرى متخصصة وفِي كل مرة يمنحني دفعة من التشجيع لأنه مغرم باللغة العربية أن تكون هي حية في العلم، وكانت لديه مبادرة لأن يؤسس تأليف الكتب باللغة العربية لكل التخصصات.

درس -رحمه الله- الماجستير في الولايات المتحدة ثم حضر الدكتوراة في علم الوراثة من جامعة دندي ببريطانيا، ومع تكليفه بالأعمال الإدارية في الجامعة كرئيس قسم وعميد كلية ولجان مختلفة إلا أنه كان حريصًا على البحث العلمي والتدريس لأنه يجد متعته فيهما، ومع عطائه العلمي تميز -رحمه الله- بروح اللطافة والدعابة والمشاركات الاجتماعية البناءة إضافة إلى ما كان يتسم به من تدين وصلاح ولا نزكي على الله أحدًا، وكان أكثر ما أجده في العشر الأواخر من رمضان في المدينة المنورة فتعلقه وحبه للمصطفى صلى الله عليه وسلم كبير، فرحمه الله رحمة واسعة وجعل ما قدمه من جهد علمي وبحثي رصيد له عند الله وألهمنا وأهله وذويه وجميع طلابه وطالباته الصبر والسلوان.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store