Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

الارتياح النفسي و(الهالة) الوهمية!!

A A
إن المسار المعتدل في فهم الحياة والتعايش معها هو أن تعيش النفس البشرية بين التفاؤل والتوكل، ومن هنا تجيء أهمية العقيدة الإسلامية في الدعم اللوجستي للإنسان على سطح الأرض فالقرآن الكريم والسنة النبوية منهجا حياة يحققان التفاهم والتناغم بين النفس البشرية والحياة وما خلق الله في الكون، والأعراض عنهما أو بعد البشرية عنهما تتسبب في هذا الزمان باختراع البعض مناهج للحياة كمناهج بديلة عنهما واتخذت لذلك أشكالاً وأسماء متعددة لتغطية الاحتياج النفسي مثل البرمجة العصبية والطاقة الوهمية التي تسمى الهالة واليوجا الرياضية والتنفس الفراغي وتمارين الروح، مسميات متعددة تبحث عن الارتياح النفسي الذي يفتقده القلب وتبحث عنه الروح ويفتقر إليه الدماغ (البال)، وأنشأوا لذلك تصورًا ذهنيًا اسمه «الهالة» وهي حسب الزعم الكاذب الذي لم يثبت علميًا فيض نوراني يغلف جسم الإنسان من الخارج (مكون خفي) وهي حالة افتراضية وهمية ظنية تصحب الإنسان أينما يذهب وهي ظله الذي يتغشاه ومؤشرات لحمايته يزعم الروحانيون المخرفون أنهم يستطيعون تحديد حجمها ولونها وما تدل عليه، ووضعوا لتلك الهالة برامج ودورات وتدريبات تريد أن تشعرك وهمًا أنك أسد ولديك قدرة فائقة لمواجهة أعتى القوى وأنك ضد الكسر وأنك سوبرمان تقضي على كل من يقف في طريقك بما في ذلك الأمراض الخطيرة والموت.

إن هذا المنهج أقصى أنواع التخبط لأن تركيبته مبنية على غير العقيدة الصحيحة نحو الله وفهم الحياة وإمكانيات الإنسان كمخلوق ضعيف يفتقر إلى من هو أقوى منه، وليس هناك قوة يعتمد عليها الإنسان ويرتاح إليها مثل ربه الذي يستمد منه العون ويتغلب بمدده وعونه على ما يصادفه من معوقات وابتلاءات تحقيقًا لمعنى التوحيد الخالص لله (إياك نعبد وإياك نستعين).

فمنبع الارتياح النفسي وراحة البال إنما هو الإيمان الذي يغذي الروح والقلب والعقل والنفس ويجعل البال مرتاحًا (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ)، فالله مصدر الإيناس والطمأنينة وبذكره يجتمع للنفس سكينتها (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

أما طاقة الهالة فهي طاقة كاذبة وهمية، وعلينا أن نفرق بين هذا التصور الوهمي للطاقة وبين تجدد الطاقة النفسية عند أداء بعض تمارين الاسترخاء والقيام ببعض التمارين للرياضة النفسية التي تساعد على امتصاص التوتر والقلق وتمنح التلطف التنعيمي للنفس، فتجديد الطاقة التي قد يحتاجها الانسان عند ملله وتوتره وقلقه تعد من أسباب تمكين الروح والنفس والجسم والعقل من الحياة وتُحدث تغيرًا يذيب ما يعتري النفس من الصدأ والملل فتعود إلى العطاء من جديد وتعيش حياتها كما لو أنها ولدت من جديد (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) بتزكية النفس يتحقق الارتياح النفسي للانسان بينما بدسها (أي إغوائها وإبعادها عن الله) يعيش الضياع النفسي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store