قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا يارسول الله صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال عليه السلام: «التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد»، ست صفات هي مكونات مخموم القلب.
- يكفي أن نعرف أن الصفة الأولى التقوى (التقي) تحتاج إلى مهارات تطويرية وتدريبية حتى تتحقق في النفس البشرية وقد فصلت تلك المهارات في كتابي مهارات التقوى، فكيف إذا أردنا تنقية تلك الصفة لتكون خالية من الشوائب وحظوظ النفس ورغبات الشهرة وتزلف الحياة فذلك لوحده يحتاج إلى مشروع نفسي آخر.
- (النقي)، ثم ماذا بعد مطلوب من مخموم القلب؟ مطلوب منه أن يكون خاليًا من الإثم صافياً مصفى من الآثام.
- (لا إثم فيه) متحرر تمامًا من الاعتداء على الآخرين.
- (لا بغي) لأن الله نهى عن البغي الذي يعني التعدي والظلم، ولا يحمل في نفس الوقت ذرة من الغل.
- (لا غل) الذي هو موصوف بالحقد وافته البغض ومحتواه الظلم وشعاره الكراهية.
- وأخيرًا (لا حسد) فالحاسد بعيد عن ذكر الله وعينه على نعمة غيره، ويسكن الاثنان (الحقد والحسد) فيمن يبتلى بهما في أعماق القلب فلا تطيب له الحياة إلا عندما يرى زوال نعمة الله عن من يحسدهم.
إن اللسان نافذة القلب الصوتية كما العيون نافذة بصرية وله من الأهمية التأثيرية والمعنوية الشيء الكثير بل هو منبع متجدد بصدقه وإدائه في توصيل الرسالة القلبية الصادقة كما أنه في نفس الوقت أحد أسباب دخول الناس إلى جهنم إن هو تنكب طريق الصدق كما ورد بذلك الحديث الصحيح في قوله عليه السلام: «وهل يكب الناس على مناخيرهم في جهنم إلا حصائد السنتهم؟».
وبالتالي فإن من أفضل الناس حقًا من يحفظ لسانه بالصدق بعيدًا عن الكذب لذلك قال عليه السلام في وصفه «صدوق اللسان» بصيغة المبالغة أي يتحرى الصدق في كل معطيات حياته ومن يكذب مرة سيكذب أخرى وتتوالى عليه الكذبات ويشق طريقه إلى حياة كلها كذب حتى يكتب عند الله كذابًا بعكس من يتعامل بالصدق فبحرصه على الصدق ورفض تعاطي الكذب يصنف عند الله صديقًا ومن فئة «صدوق اللسان».. فمخموم القلب وصدوق اللسان بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الناس وهما صفتان تنعكس آثارهما على الفرد والأسرة والمجتمع وتحميانه من الفساد وانتشار الأوبئة النفسية والاجتماعية ومن أدران حظوظ النفس والبغي والإثم والغل والحقد والحسد وتمنحانه جودة الحياة.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
