Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

مرضى السرطان و«البعيثران»!

A A
عندما أعلن باحثون عن نتائج إيجابية لاستخدام مستخلص نبات البعيثران في تحقيق نسبة من موت نوع محدد من الخلايا السرطانية في المزارع النسيجية -أي ليس في تجارب الحيوان ولا في تطبيقات ذلك على مرضى مصابين بالسرطان-، حذروا من عدم استخدامه لمرضى السرطان لأن التجارب أولية فقط، إلا أن البعض طار بالنتيجة مبشرين بالوصول إلى علاج نهائي للسرطان والتغلب على جميع أنواعه وانتشرت بين الناس، وردت هيئة الغذاء والدواء قائلة: «إن معلومة علاج عشبة البعيثران للسرطان وقتلها للخلايا السرطانية في جسم الإنسان إشاعة ومعلومة غير صحيحة ولا يوجد أي أدلة أو دراسات تثبت فعالية ومأمونية استخدام هذه العشبة لعلاج مرض السرطان»، ومعها في ذلك حق حتى لا ينصرف المرضى عن العلاج الصحيح أو قد يتم استخدام النبات وتكون له آثاره الجانبية الخطيرة خاصة انه عرف عنه انه يتسبب في موت الإبل عندما تأكله، ولاجل ذلك سارع البروفيسور جابر القحطاني بالتحذير من استخدام النبات بقوله: «ادعو لعدم استخدام عشبة البعيثران للمصابين بالسرطان حتى تثبت فائدته بشكل تام ومدروس ومتقن».

طبعًا لا يصح أبدًا لأي باحث أن يعلن عن استخدام أي نتائج أبحاث أولية كعقار أو دواء لعلاج أي مرض حتى تتم خطواته الأساسية في البحث العلمي والتطبيق السريري (الإكلينيكي) وهذا ما فعله الزملاء في البحث الخاص بنتائج نبات البعيثران فهم حقيقة لم يدعوا مرضى السرطان لاستخدامه لأن دراستهم كانت أولية على مستوى زراعة الخلايا ستتبعها تجارب على الحيوانات بما يعرف بالدراسات الحيوية داخل الكائن الحي (حيوانات التجارب) لأنها تملك أجهزة حيوية غير موجودة على مستوى أطباق المزارع الخلوية وخطوة تالية بعد ذلك على عينات بشرية (اختبارات اكلينيكية)، فما توصل إليه الزملاء كما ذكروا ليس إلا شيء أولي لكن الشيء الأساسي التجريبي والسريري وموافقة الجهات المختصة لم يتم بعد.

وفي مسيرتي البحثية مع الباحثين في المجموعات البحثية والمشاريع البحثية أؤكد على هذا المعنى وأقصد التريث في إعلان النتائج لأن الاستعجال في ذلك لا يكسب الباحثين إلا ملاحقة من المرضى وذويهم والبحث عن ذلك الدواء وقد يطالب البعض من المرضى بحقوق التغرير بهم وعادة مثل هذه الإعلانات تكسب الصيت والضجة الإعلامية فقط دون الوصول الحقيقي للنتائج المرجوة.

هناك فرق طبعًا بين باحثين يبادرون من أنفسهم بالإعلان عن علاج لم تثبت بعد تجربته وبين جهة أكاديمية تعلن عن ذلك، فالباحثون قد يستعجلون وهم غير مؤاخذين في ذلك مع فرحة النتائج لكن الجهة الأكاديمية سواء كانت جامعة أو هيئة إن أعلنت فإنها ستكون ملزمة بإثبات ما توصلت اليه، أعود إلى الموضوع لأوضح أن مستخلص بعض النباتات ذات طابع علاجي ومفيد لبعض الأمراض العامة وهي ما تعرف بالنباتات الطبية وهناك دراسات سابقة من علماء إغريقيين ومسلمين ومن عصور قديمة أشارت إلى بعض تلك النباتات وقد توصلت معامل كثيرة حديثًا ومنها معملنا في قسم علوم الأحياء ومركز الملك فهد للبحوث الطبية مع طلاب دكتوراة إلى بعض تلك النباتات التي تحقق نسبة من موت سلالات محددة من الخلايا السرطانية في المزارع الخلوية وتم نشرها في مجلات عالمية ويمكن العودة إليها في الموقع العالمي Researchgate إلا أنه لم يتم التوصل إلى الآن لتطبيقها الإكلينيكي، والسبب في توخي الحذر من استخدام أي نبات عشبي وبصفة متكررة وجرعات غير محددة لعلاج السرطان أو الجلطة أو الزهايمر أو باركنسون أو الفشل الكلوي أو أمراض القلب هو خطورة آثاره الجانبية التي قد تؤدي إلى الاصابة بمرض أخطر من مرضه المصاب به وقد أخبرني زميل أنه استخدم عشبة لعلاج مرض السكري فإذا به بعد استخدامه أصيب المريض بالفشل الكلوي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store