Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

والذي وضع حبه في قلبي!!

A A
سألتني امرأة يومًا هل يجوز لي أن أقسم بقولي «والذي وضع حبه في قلبي» وهي تقصد بذلك طبعًا الحلف بالله سبحانه وتعالى لكن من شدة حبها لزوجها، وأنه قدر من الله تريد أن توضح فيه مدى تعلقها به، وهذا يحدث بين الزوجين أحيانًا، وقد يكون كذلك عكسي، أي أن هناك من الرجال من يموت في زوجته ويحبها حبًا جمًا والحالة طبيعية إن كان الحب متبادلًا وبنفس المقدار والعمق، لكن المصيبة كل المصيبة إن كان الحب من طرف واحد -أي من أحدهما ولم يكن من الآخر- فإن التعاسة والتردي النفسي يحظى به من يحب ولا يحب، ومن يعشق ولا يعشق، ومن يتعلق ولا يتعلق به، ومع هذا يبقى البعض من النوع الأخير مصرًا على حبه ويحارب من أجله وأجل بقائه وليس هناك أبلغ في الحب لغة وفصاحة وعمقًا من الحب المتبادل بين مجنون ليلى قيس بن الملوح لليلى العامرية وعمق حبها هي له، وقد قال فيها أبياتًا من الشعر صور فيها عمق هذا الحب المتبدل تصويرًا لا أعتقد أن أحدًا قال مثله في بلاغة الحب حيث قال:

ولما تلاقـينا على سـفـح رامـة

وجـدت بنان العامـرية أحـمـرا

فقلت خضبت الكف بعد فراقنا

فقالت معـاذا الله ذلك ما جـرى

ولكـننـي لمــا رأيتــك راحـــلا

بكيت دمًا حتى بللـت به الثرى

مسحت بأطراف البنان مدامعي

فصار خضابًا بالأكف كما ترى

هذا في شأن الحب المتبادل وهو محمود ومقبول وفيه من عمق الروح وجذارة النفس وشغف القلب وطعم الحياة ما فيه، وهو يسقي الروح ويريح النفس ويطمئن القلب ويسعد الحياة بين المتحابين، وكما قلت: إن كان الحب من طرف واحد مآله الانهيار وفقد الثقة بعد ذلك من أي حب أو ارتباط هو مصيره، حتى ولو كان هناك طلبًا صريحًا في الزواج للتحربة النفسية المريرة التي مر بها من يحب.

وقد ذكر لي أحد المتخصصين في علم النفس إن هذا أحد الأسباب في الإعراض عن الزواج وعدم إقدام الشباب والفتيات على الزواج إضافة إلى أسباب رئيسية أخرى لسنا هنا محل شرحها لعل أهمها هو سرعة الانفكاك والطلاق والخلع بين المتزوجين حديثًا حيث وصلت نسبة الطلاق والخلع لعام 2021 الى ما نسبته 70٪ وهي نسبة كبيرة جدًا.

إن أحد أكبر المتهمين في ارتفاع نسبة الطلاق والخلع هو انتشار الحب الكاذب الذي يشبه إلى حد بعيد الحمل الكاذب الذي يكون مؤقتًا وتكون نهايته لا شيء ولا استمرار في الحياة الزوجية إنما هو «لهاية» مؤقتة يعقبها الفراق والطلاق، فكم نحن في مجتمعنا بحاجة إلى الحب الصادق بين الزوجين الذي يحافظ على استمرار الحياة الزوجية وبالتالي يحمل معه الحفاظ على الأسرة كلها التي أصبحت اليوم ملطشة لأنظمة دولية تشرع لها قوانين تستهدفها وتفككها بنشر الفاحشة والشذوذ الجنسي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store