الدولة والمؤسس

ارتبط يوم التأسيس بشخص الإمام محمد بن سعود الذي استطاع أن يؤسس دولة في الجزيرة العربية، والتي لم تعرف الوحدة منذ مدة تزيد عن ألف عام، فمكنته عبقريته ودهاؤه من إقامة دولة في منطقة كانت تسودها النزاعات والصراعات، وقد ساعده على ذلك بعض المقومات التي اتصف بها هذا الإمام المؤسس وجعلت منه رجل عصره بلا منازع.. وتأتي في مقدمة تلك المقومات ما اتصفت به شخصيته من حب الخير، والحكمة، والقدرة على التأثير، وقوة الشخصية، وهذه أبرزها وغيرها الكثير.. هذه السمات جعلته يفكر في إقامة دولة؛ كونه عارفًا بأحوال المكان الذي يعيش فيه ومحيطه؛ فقد كان يعمل مع والده سعود بن محمد بن مقرن في إدارة وترتيب إمارة الدرعية، مما أكسبه خبرة ومعرفة بأحوال بلدته والبلدان التي من حوله.

ومن تلك المقومات التي ساعدته في تكوين الدولة: المقوم الاجتماعي، الذي يكمن في وحدة الأرض مع شيوخ القبائل والعادات والتقاليد، وهذه الوحدة الاجتماعية أدت إلى اتحاد القبائل العربية مع الدولة السعودية في تلك الفترة من التاريخ ومناصرتها، والمقوم الآخر وحدة الدين الإسلامي، وتشابه النظم السياسية.. أضف إلى ذلك استطاعته تجاوز الصراعات الداخلية في إمارة الدرعية.. ومن الملاحظ أن الإمام محمد خلال فترة إمارته اهتم بالتعليم والمجتمع وتأمين طرق الحج بواسطة عقد اتفاقيات مع القبائل التي تمر من خلالها قوافل الحج لتقدم لها الخدمات اللازمة ويحفظ لهم أرواحهم، فالعناية والرعاية للحرمين الشريفين، وتوفير الأمن والأمان والرفاهية للمجتمع، ديدن أئمة وملوك المملكة العربية السعودية.

ويجب أن ننبه إلى أن الإمام محمد بن سعود لم يكن لديه أهداف خاصة لبناء دولته أو رغبة شخصية في السيطرة، وإنما غايته إقامة دولة تجمع شتات المجتمع وتنظم حياته، وتحميه وتحمي ممتلكاته؛ حيث قضى في توحيد المنطقة مدة ٤٠ عامًا دون كلل أو ملل، إلى أن تحقق له ذلك، وامتدت حدود الدولة السعودية في تلك الفترة من التاريخ من الخليج العربي إلى البحر الأحمر.

مجملاً، الاحتفال بهذا اليوم ٢٢ فبراير من كل عام ذكرى لتأسيس المملكة العربية السعودية، يخلد عمل هذا الرجل العظيم ودوره في توحيد وبناء الدولة.. وفي هذا اليوم والمناسبة المبتهجة نحن نفخر بالقيم الثقافية والهوية الوطنية التي لم تتغير، وإنما تتجدد؛ فهي راسخة وقوية تشكلت منذ أقدم العصور، منذ بدأ الإنسان على أرض الجزيرة العربية بالنقش والرسم على الحجر.