قال المستكشف وعالم الفيزياء البريطاني «فرانسيس سبوفورد»: «المكتبات هي خزائن عامة.. إنها طرق تترك بها المجتمعات حسنة النية ثروة الماضي مرتبة من الألف إلى الياء، بحيث يمكن لأي شخص أن يجدها».
كعادتي في كل زيارة لمدينة لندن العاصمة البريطانية لا تكتمل زيارتي لهذه المدينة العريقة دون زيارة مكتباتها العربية المنتشرة في وسط المدينة، ومنها مكتبة الساقي الشهيرة المكتبة العربية الأكبر في أوربا وأول مكتبة عربية تفتح أبوابها في بريطانيا.. تتخذ مكتبة الساقي من منطقة «بايزووتر»، في شارع «وستبورن غروف» على مقربة من محطة «بادينغتون» للقطارات مقراً لها.
فعلى مدار أكثر من أربعة عقود من التغلب على عدة انتكاسات واجهتها بما في ذلك تعرض نوافذها وأبوابها للتحطيم في التسعينات من القرن الميلادي الماضي خلال أحداث حرب الخليج الثانية بسبب غزو العراق للكويت، وكذلك بعد نشر كتاب الكاتب والروائي البريطاني من أصول هندية «سلمان رشدي» المثير للجدل «آيات شيطانية».
كانت مكتبة الساقي تمثل مركز استقطاب للأدباء والمثقفين وللعرب المقيمين في مدينة لندن أو أولئك الزائرين لها.
منذ أيام البعثة وأنا دائم التردد على هذه المكتبة العريقة عند تواجدي في المدينة، للنظر على العناوين والإصدارات الجديدة من الكتب واقتناء بعض منها؛ فقد مثلت دار الساقي للكتب خلال توجدها في لندن والذي امتد لأكثر من أربعة عقود حرية الفكر والتعبير والتنوع الثقافي، لكن يبدو أن العوامل الاقتصادية العالمية وجائحة كورونا الأخيرة وارتفاع تكاليف التشغيل والضرائب في مقابل انخفاض المبيعات خصوصاً مع «قلة عدد الزوار العرب الذين يزورون لندن» وانتشار الكتب الإلكترونية، أثقلت كاهلها وأدت إلى قرار إغلاقها.
ففي زيارتي الأخيرة؛ كعادتي استخدمت تطبيق أوبر للتوصيل، الذي أخذني إلى عنوان المكتبة، وكانت الصدمة كبيرة، لقد وجدت أبواب ونوافذ المكتبة مغلقة ورفوفها خالية من الكتب وعليها لافتة كبيرة مكتوبًا عليها «تم إغلاق المكتبة نظراً للظروف الصعبة التي مر بها ملاكها».. كانت مكتبة الساقي بلندن أشبه بمركز ثقافي وأحد الصروح المعرفية العريقة ومحطة كل قارئ عربي يزور مدينة لندن على مدى (44) عاماً من إنشائها، ستبقى كتب وإصدارات مكتبة الساقي دائما في قلوب روادها.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
