Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

من النملة.. تعلَّم!!

A A
على الإنسان في هذه الحياة أن يعمل بلا كلل ولا ملل ما دام قادراً على التنفُّس والحركة، عليه أن لا ييأس، ويتعلَّم من النمل الذي لا يفقد الأمل، ويُكرِّر المحاولة تلو الأخرى، فالحياة لا تتوقف عن الحركة بسبب خيبات الأمل، والوقت لا يتوقف عندما تتعطَّل الساعة، كما قال الفيلسوف اللبناني «جبران خليل جبران».

تناولت بعض المواقع قبل فترة خبر حصول طالب بريطاني اسمه «نيك أكستين» وهو في سن (76 عاماً) على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، بعد حصوله على منحة (أولبرايت) الدراسية الأمريكية، والتي تُموَّل بالكامل للطلاب الدوليين، وتُقدَّم عادةً لطلبة الماجستير والدكتوراه فقط، كانت طريقة حصول هذا الطالب على شهادة الدكتوراه غير مألوفة، لأنه أمضى نحو (52) عاماً وهو يدرس ويُمارس البحث العلمي، حتى حصل على شهادة الدكتوراه وهو في السادسة والسبعين من العمر، التحق (أكستين) ببرنامج الدكتوراه لأول مرة في العام (1970م) في تخصص علم الاجتماع الرياضي بجامعة «بيتسبرغ» بولاية بنسلفانيا الأمريكية، وبعد سنوات من الدراسة والبحث توقَّف وعاد إلى بلده الأم بريطانيا، دون الحصول على الشهادة، واصل بعدها دراسته الجامعية العليا في بريطانيا، حيث التحق بجامعة مدينة «بريستول» البريطانية، إلى أن منحته الدرجة في العام (2022م) بحضور زوجته وأحفاده، عن بحثه الذي قدَّمه في نظرية جديدة لفهم السلوك البشري، والذي يستند إلى القِيَم التي يحملها كل فرد منَّا، والتي يعتقد الدكتور «أكستين» أن لديها القدرة على تغيير وجهة نظر علم النفس السلوكي، وعن ذكرياته خلال المدة الطويلة التي قضاها للحصول على الدكتوراه، قال «أكستين»: (في البداية كانت لا تزال لدي قوة الزهور، وكان هناك إحساس ثوري، لقد كان وقتها اندلاع حرب فيتنام، وباريس وبراغ واعتصامات الطلاب)، وتابع: (كان «جاك سترو» رئيساً لاتحاد الطلاب، أصبح علم الاجتماع وعلم النفس فجأة من الموضوعات الهامة التي ازدهرت في تلك الأيام، وذهبتُ لدراستها لأنني أردتُ أن أفهم الناس على حقيقتهم)، وتابع قائلاً: (إنه أحب وقته كطالب ناضج في جامعة بريستول، حيث كان جميع طلاب الدراسات العليا في الفلسفة -والكلام للدكتور «أكستين»- في الثالثة والعشرين تقريباً، لكنهم قبلوني كواحد منهم، إنهم أذكياء مملوؤن بالأفكار، وقد أحببتُ التحدث معهم).

إن قصة «أكستين» وطريقة تغلُّبه على الصعاب، تُمثِّل رسالة لكل إنسان ألا يستسلم لليأس، وأن عليه أن يتأمَّل قصص أمثال هؤلاء العظماء، وكيف تغلَّبوا على لحظات القنوط والفشل التي قابلتهم خلال مسيرتهم الحياتية، وعلينا أن نتذكَّر حكمة فلاسفة المسلمين القدماء القائلة: (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store