تموت الممارسات الجيدة إذا غاب وعي الممارس لها!
بادئ ذي بدء.. تعرّف حوكمة المنظمات غير الربحية بأنها الأنظمة والأطر والآليات التي تضبط العلاقة بين أصحاب العلاقة في الجمعيات الأهلية من أجل اتخاذ قرارات تشاركية تخدم المصالح العليا للجمعيات عبر العدالة والمسؤولية والشفافية والمساءلة.
وقطع القطاع بحمدالله شوطًا مباركًا في الحوكمة حيث وضعت المعايير وطوّرت آليات جمع البيانات وأنشئت المنصات الخاصة بها وقيّمت الجمعيات ووضّحت جوانب الخلل وفرص التحسين.
ومما ظهر تباعًا مع موجة الحوكمة وإلزام المنظمات بها: معاملتها على أنها قائمة مهام (check list) يقوم الموظف المختص أو من توكل إليه المهمة بتجهيز المطلوب قبل زيارة المقيّم ثم تُستعرض أثناء الزيارة وبعد ظهور النتيجة تُركن على رفِّ النسيان وتُغلق القائمة إلى حين الزيارة المقبلة، وهكذا..
تُظلم الممارسات الجيدة إذا مورست بشكلٍ سيئ!
الحوكمة مبادئ أسلوب عمل لا قائمة مهام!
الحوكمة حاضرة طيلة حياة المنظمة وليست حصرًا على الأيام التي تسبق زيارة المقيّم!
مهمٌ أن تتغيّر نظرتنا عن الحوكمة من كونها أمرًا مطلوبًا منّا فقط إلى أمرٍ نستشعر ثمرته ويهمّنا تأديته بأفضل وجه، نحتاج إلى تحويل الحوكمة من الأوراق إلى الأرواح، يؤمن بها الموظفون ويستشعرون أهميتها وعواقبها، أن ننقل الحوكمة من بنود ومعايير جامدة إلى أسلوب عمل ومبادئ.. أن تتضح الحدود والمسؤوليات في كل عمل.. أن تؤخذ القرارات بشفافية وتشاركية بين المعنيين..
تذكّر أن كل هذه المزايا تفوتنا إن وقعنا في الفخ وعاملنا الحوكمة كقائمة مهام تعد قبل الموعد وتوضع على الرف حتى الزيارة التالية.. أقصد بالفخ: دوامة المهام وعجلة الحياة التي تجعلنا نعامل كل ما يستجد بأقل جهد ممكن، ونؤخّره إلى آخر موعدٍ متاح -مع أننا في الغالب نضطر لمضاعفة الجهد المطلوب ولا نقلل منه بالتعامل معه بهذه الطريقة.
لا تنس: الحوكمة مبادئ وأسلوب عمل.. لا قائمة مهام..
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
