Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

اعتذار رونالدو لقارورة الماء!!

A A
لم يُفْرِحْنِي فوز الاتحاد على النصر، كما لم تُحْزِنِّي هزيمة النصر من الاتحاد، لسبب بسيط هو أنّني لا أشجّع نادياً سعودياً مُعيّناً إلّا عندما يلعب ضدّ نادٍ غير سعودي، وهذا هو نهجي منذ أمدٍ بعيد، يعني أنا وأخي مع (وليس على) ابن عمّي، وأنا وأخي وابن عمّي على الغريب.

وفي مباراة الاتحاد والنصر أصابني الإزعاج من ركلة رونالدو لقارورة ماء بلاستيكية جرّاء غضبه الشديد من هزيمته وناديه النصر، وربّما احتجاجاً على حكم المباراة.

والقارورة التي ركلها رونالدو كانت مليئة بالماء، وهي بحجم ٣٣٠ ملليلتر كما بدت في التلفزيون، وقد يراها هو رخيصة وغير ذات قيمة، أمّا أنا فأراها غالية وذات قيمة نفيسة، وغالباً قد أُنْتِجَ ما فيها من ماء.. ليس من الأمطار بل من البحر المالح أو من الآبار الجوفية التي هي مُهدّدة عندنا بالنضوب، فوطننا من أفقر الأوطان للمياه، عسى ذلك أن يتغيّر في العقود القادمة، وتصبح الجزيرة العربية مروجاً خضراء وأنهاراً تجري من فوقها وتحتها، مصداقاً لنبوءة نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم الذي لا ينطق عن هوى، إن هو إلّا وحيٌ يُوحى.

وقد مرّ ما في القارورة من ماء بمراحل كثيرة من المعالجة الصناعية التي تُكلِّف الدولة مليارات الريالات سنوياً، إذ تأخذه المؤسّسة العامّة لتحلية المياه المالحة مالحاً أجاجاً لا يصلح لسُقيا حيوان فضلاً عن الإنسان، ويعالجه ويُحلِّيه مهندسوها السعوديون الذين يُرابطون ليل نهار تحت الشمس وبين الماكينات الساخنة وفي السواحل النائية، ثمّ تُسلّمه لشركة المياه التي تُوزّعه على كلّ المرافق ومنها المصانع التي تُعبّئه داخل قوارير بلاستيكية لتبيعه للناس، وفي هذا جهاد شديد لسُقاة الوطن لا يعلم به إلّا الله، وكفى بالله آجِراً وحسيبًا.

ثمّ يأتي رونالدو ويركل قارورة الماء ببساطة، وهذا ما أزعجني والله، إذ الماء وفير في أوروبا ورخيص، لكنّه قليل وغالٍ عندنا، فضلاً عن كون الماء نعمة إلهية تستلزم الشكر والاعتناء، ولهذا أطالبه بالاعتذار.. لقارورة الماء، فهو نجم عالمي نفيس، وكذلك قطرة الماء، بل هي أنفس، وهي بالنسبة لنا.. روح وحياة وارتواء.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store