كان خالد في الثامنة والعشرين من عمره مفعماً بالنشاط والأمل والكفاح، كان محباً لعمله ومخلصاً فيه.. يحب الجميع ويحاول جاهداً ما استطاع خدمتهم، كانت الطيبة والتسامح منهجه! لكنه لم يعلم بأن تلك الطيبة ستأتيه بالويلات والحسرات!، زميله المقرّب منه أيمن كان خلافه تماماً.. لا يعير اهتماماً لأحد ولايقيم وزناً لشيء، يحضر إلى دوامه و لكنه كسول ولا يحب أن يتعلم ويتطور!
كل ما أوكلت إليه مهمه لا ينجزها ضعفاً وعدم مقدرةً وإلماماً!
حتى اعتاد عليه الجميع وهمشوا وجوده!
المدير يصرخ خالد: أين الأوراق وهل أكملت طباعتها ؟!
خالد هذه عند زميلي أيمن!
المدير: خذها واطبعها فوراً.
خالد: أبشر طال عمرك..
وتستمر تلك المعاناة مع خالد المسكين!
الذي «وقع بين السهم والدارجة» بين مدير يريد عملاً وبين زميله أيمن الكسول!
يالها من معاناة وياله من ألم وتعب نفسي أرهقه.. تساءل حينها خالد هل ذنبي أنني مخلص حتى أُعامل بهذه الطريقه!؟
لقد تعبت لقد تعبت!
فكّر قليلاً وقال: حسناً سأطلب منحي إجازة لأرتاح قليلاً، أخذ خالد ورقةً وقلماً وطلب من مديره منحه إجازة!؟
فلما رآها المدير قال: لا!
لا أستطيع منحك إجازة، هناك عمل مطلوب منّا إنجازة ولا يوجد غيرك يقوم بهذا العمل!
وقف خالد حينها حائراً صامتاً منصدماً لاحول له ولاقوة !
لقد تولّد إليه الاحتراق الوظيفي والتعب النفسي!
وفي صباح اليوم التالي جاء زميله أيمن يريد إجازة من مديرة فتمت الموافقه له بكل سهوله!!
وإذا بأيمن يخرج من مكتب المدير مبتسمًا، فالتفت لخالد وقال: إنني أخذت إجازة وأنا ذاهب الآن! إلى اللقاء، ودعه خالد وقلبه يحترق ما هذا الذي يحصل وهل انقلبت الدنيا، لماذا هذا الحظ السيء!
تنهد قليلاً وقال يارب فرجك.. ليس لي حيلةٌ إلا بابك وليس لي مخرج إلا بك.. كان ذلك الدعاء يخرج من قلب خالد بأنين وحزن و لكن الله لن يخذل عبداً دعا وليس وراء الله مرمى، ما هي إلا أيام يسيرة ويُحال المدير إلى التقاعد ويأتي مدير شاب متفتّح ومتمرّس في الإدارة!
أخذ المدير الجديد يتجول في المكاتب واحد تلو الآخر حتى وصل إلى خالد! فقال له المدير: لماذا كميةالمعاملات كثيرة على مكتبك!؟
فقال: أنا أقوم بعملي وعمل زميلي أيمن؟
المدير: ولماذا تقوم بعمل زميلك؟ خالد: إنه لا يؤدي العمل المطلوب منه وكلفني المدير السابق بالقيام بعمله!؟
المدير: حسناً.. غداً تأتيني في المكتب خالد: أبشر.
وفي اليوم التالي دخل خالد على المدير فرحب به وقال لقد اطلعت على ملفك الوظيفي ياخالد وأعجبت به كثيراً وأحييك على إخلاصك وتفانيك وتقديراً لجهودك سأجعلك سكرتيراً خاصاً لمكتبي.
فرح خالد وشكر الله ثم المدير وأثنى عليه الخير.. إن الصبر لا يضيّع صاحبه.. وكما قيل «الصبر مفتاح الفرج»، يقول الله تعالى (وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).