مكاشفات صلاح عبدالصبور

تطورت تجربتة الشعرية واستقام مشروعه الأدبي على سوقه ليتأثر به أجيال وأجيال في وطننا العربي ورحل تاركًا وراءه إرثًا فكريًا وشعريًا مجيدًا لا يستهان به.. لم تعرف له الأجيال الكثير فقد كان يكفيه ديوانه (أحلام الفارس القديم) وتستمر بعدها مكاشفات صلاح عبدالصبور ذلك الشاعر الذي كتب مأساة الحلاج تلك المسرحية الجميلة وغني عن القول إن صلاح عبدالصبور كان متأثرا بالأدب العالمي وخصوصا الشاعر الاسباني لوركا.. ومن السلبيات عند الحديث عن شخص وشعر صلاح عبدالصبور مراجعة السير الذاتية القصيرة التي تعرض في ويكيبيديا، فعندما نكتب عن أمثال صلاح عبدالصبور علينا مراجعة المكتبة العامة وقراءة ما كتب عن الشاعر الراحل وعلى رأسهم رفيق دربه الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي الذي كان صديقًا وفيًا لصلاح عبدالصبور حتى وافته الأزمة القلبية ورحل عن عالمنا.

ظل صلاح عبدالصبور يكتب متأثرًا بكل من حوله فكتب (الناس في بلادي) وهو شاعر مبدع نفر بجلده من الشعر الكلاسيكي الذي كان يومًا ما يكتبه ويتذوقه خوفًا من السقوط في متاهة التكرار وعدم إتقان الصنعة خصوصًا أن القوالب الشعرية وقتذاك أصبحت مستهلكة وقد ظهر في فترة كان نزار قباني وقتها يهز رتابة الشعر التقليدي في سوريا والوطن العربي أضف إلى ذلك الشعر التموزي عند بدر شاكر السياب ونازك الملائكة ما يجعلنا نتصور وقتها المشروع النقدي لصلاح عبدالصبور الشاعر الذي يقيم في الذاكرة العربية كمتنبي جديد أو صاحب لغة شعرية مرموقة كأبو تمام.

ولعل أكثر ما يشدني إلى صلاح عبدالصبور ديوانه (أحلام الفارس القديم) الذي تشرف بكتابة مقدمته الأديب والمفكر المصري الكبير عباس محمود العقاد وكانت تلك إضافة لصلاح عبدالصبور خصوصًا من عملاق الفكر وقتذاك صاحب العبقريات وكتاب (الله) عباس محمود العقاد ويذكر صلاح عبدالصبور في أحد حواراته التلفزيونية بأن فترة عمله في الهند كانت عقيمة فنيًا فلم يكتب إلا القليل إضافة لعمله كمحرر في مجلة روز اليوسف التي كانت تعنى بالأدب والفنون.

توالت إبداعات صلاح عبدالصبور فكان مما نشر في بداياته قصيدة (شنق زهران) والتي سرعان ما وجدت طريقها إلى قلوب ومحبي الشعر الحر فظهرت قدرة صلاح عبدالصبور الشعرية ولغته الصافية الجميلة مع إحساسه الوطني الفياض الذي كتبت من أجله القصيدة.

يظل القول بأن صلاح عبدالصبور علامة فارقة في أدبنا المعاصر إضافة إلى أنه نقل الشعر العربي من دائرته العربية الضيقة إلى العالم أجمع بالإضافة إلى إسهاماته في الشعر المسرحي الذي له الريادة فيه.