Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل رمضان بداخلك أم حولك فقط؟!

هل رمضان بداخلك أم حولك فقط؟!

A A
أتى بعدَ طولِ غياب، الشوق ازداد، الفرحُ عاد، والهمُ ذاب، شهرُ الصيامِ، والقيام، الطاعةِ والغفران، الجمعُ والخِلان، أهلا توقًا، أهلا حُبًا، أهلا رمضان.

عاد الشهر الذي ينتظره الجميع، يلتمُ الصحبُ والأحباب، وترتفعُ الضحكات، يتردد الأذان، ونُجهز الثيابْ، نزورُ الأسواقْ ونُزين البيوت، نخضب أيدي الأطفالْ وننير الطرقات، نُشعل الأضواء ونلتقط الصور، نُعدُ الأطباق ونستعد للإفطار، نجتمع فجرًا، ونتشارك الأخبار والأحداث، نختفي ظهرًا، للنوم والراحة.

كلْ التفاصيل جاهزة من حولنا، لكن.. ماذا عنا نحن؟، عن قلوبنا؟، وأجسادنا؟، عقولنا وأرواحنا؟، هل عقدنا النية؟ هل هذبنا الروح؟ هل أعدينا الجسد؟ وغذينا العقل؟ هل سيكون رمضان في داخِلنا أو سيظهر من حولنا فقط؟ كم رمضان ذهب منا؟، وكم منا ذهب قبل رمضان؟

تمضي الأيام سريعا، تمرُ اللحظات على عجل، ما أن يبدأ الشهر، إلا وقد أُعلن عن انتهائِه، فكيف ستكون الرحلة؟ احزم حقائبك الآن، اعقد النية، جدد التوبة، تدرج في العبادات حتى تألفها.

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ البقرة: 183 إن رمضان يُساعد على تهذيب النفس من خلال ضبط الانفعالات، كبح الشهوات، ترتيب الأولويات، طمأنة الأنفس، ولكي نستطيع الوصول لهذه السكينة والتهذيب، لابد علينا من تصحيح التشوه المعرفي عن فكرة الصيام، فالصيام عندنا مرتبط بالغضب، الجوع، التعب، الصداع.

إن تغيير الفكرة هو المسبب الأول لتحسين السلوك، لأن أساس السلوك فكرة، يُسيطر عليها العقل ويتبناها الشخص، تظهر على أفعالِه، لذلك الصيام فريضه دينية، عادات صحية، ومظاهر سلوكية، فكلما أدركنا المعنى الصائب للصيام، كلما استطعنا التعامل معه، وانعكس ذلك إيجابياً على أنفسنا.

الصيام الكامل هو الذي يَدَع العبد فيه شيئين: المفطرات الحسية، من طعام، شراب ونكاح وتوابعها، والمخالفات العملية، كالرَفَث، الصَّخَب، قول الزُّور، المُخَاصَمات والمُنَازعات المُحْدِثَة للشَحَناء، وجميع المعاصي، فأجر الصيام عظيم، والخيرات التي يتضمنها رمضان وفيرة، منها دعوة الإفطار، الصدقة، العشر الأواخر، ليلة القدر، والعتق من النار في كل ليلة، كلما استشعر الشخص أن هذا العمل لله عز وجل، وأنه سيؤجر عليه، وله منفعة فيه، كان ذلك أدعى أن تهدأ روحه وتستقر نفسه، ويسارع إلى فعل الطاعات والاستعداد لها.

أخيرا: يجب عليك أن تعرف أن رمضان هو عبارة عن دورة فلكية ثابتة، تُعاد في كُل عام، لكن ما يختلفْ هو نحن، كيف نستقبله؟ ماذا نُعد له؟ هل نسمح لأنفُسنا بأن نتحسن من خلاله؟ وهل سيُقبل منا؟ لذلك ابدأ بنفسك أنت، ودع رمضان يكون داخلك، لا حولك فقط.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store