Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

دراما القذْف!!

A A
بحُكم مشاهدتي للعديد من المسلسلات التلفزيونية التركية التي تُجيد تسلية وترفيه المشاهدين، كما كانت تفعل الأفلام الهندية في الماضي، رصدْتُ فيها ظاهرة سلبية للغاية، وأسردها هنا شهادةً لله ثمّ للتاريخ.

والظاهرة هي أنّ الشركات التركية التي تُنتج المسلسلات تتعمّد تشويه صورة المجتمع التركي، خصوصاً وسطه الشعبي المُسلِم والمُحافِظ، وليس العِلْماني المُتحرّر والمُنفلت، فتُبالِغ وتُضخِّم من وجود حالات الأبناء غير الشرعيين فيه؛ جرّاء العلاقات المُحرّمة في سيناريوهات المسلسلات، حتّى لا يكاد يخلو مسلسل اجتماعي من هذه الحالات.

وربّما كان هدف الشركات هو تأجيج صراع ثقافي بين وسطيْن متناقضيْن، أحدهما منفلت والآخر مُحافِظ، وربّما تكون الإثارة هي هدف هذه الشركات بصفتها تُطيل عُمْر عرض المسلسلات، وبالتالي زيادة ريعها المالي من أرباح الإعلانات التجارية المُصَاحِبة لها، وبيعها للتلفزيونات غير التركية، لكن أن تُشوِّه صورة وسط كامل بهذه الصورة؛ فهذه هي عين الغرابة وقذْف على الطريقة الدرامية.

كلُّنا سافرنا لتركيا، ومعظمنا لديه معارف وأصدقاء فيها، وبعضُنا قد صاهر الأتراك من فترات طويلة وتعامل معهم تجارياً، ونعرف المجتمع التركي المُحافِظ جيّداً، والذي يُثمّن الشرف العائلي، ويعتبره مسألة حياة أو موت، وتتجذّر فيه غيرة الرجال عميقاً كتجذّر الشجرة الباسقة، مثله مثل باقي المجتمعات العربية والمُسلِمة والمُحافِظة، وإن كانت هناك حالات أبناء غير شرعيين فيه، فلا شكّ أنّها قليلة وليست منتشرة مثلما تُصوّره الشركات، ومثلما هو الحال في بعض المجتمعات الغربية المنحلّة؛ التي تبلغ حالات الأبناء غير الشرعيين نسبة 50٪ أو أكثر، وأن تعمل هذه الشركات قُبّة كبيرة من الحبّة الصغيرة لأمرٌ غريب ومُستهجن.

ولو ركّزت الشركات على الظواهر السلبية الحقيقية في المجتمع التركي، لكان أفضل تلفزيونياً، مثل العنف الأُسَرِي الذي يحتاج لإظهار أكثر ومعالجة فعّالة.. وفّق الله كلّ المجتمعات العربية والمسلمة لما فيه الخير والحياة الكريمة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store