Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هلال المآذن

هلال المآذن

A A
ليس هناك حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا قول مأثور عن الصحابة أو التابعين أو تابعين التابعين أو السلف عن وضع رمز الهلال على المآذن، والهلال لا يعرف بالتاريخ الإسلامي البتة، وإنما عرف بالتاريخ الحديث، وأول من أحدثه هم العثمانيون، للتمييز بين الكنيسة والمسجد، وجعلوا اتجاهه نحو القبلة.. حتى المأذنة متأخر معرفتها وبناؤها عن الصدر الأول، ولم تعرف إلا بالعهد الأموي.. فأول من وضع الهلال على المآذن هم العثمانيون في عهد السلطان سليم الأول وكان الهدف منها في البداية للتمييز بين المسجد والكنيسة، فكان الهلال يوضع في أعلى جزء من المنارة وجرت العادة على هذا الأمر منذ ذلك الوقت، ثم تطورت الفكرة إلى تحديد اتجاه القبلة بحيث تكون فتحة الهلال باتجاهها لتعطي دلالة على اتجاه القبلة.

اتخاذ الهلال شعاراً لا يعلم له أصل في الشرع، ولم يكن معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد أصحابه رضي الله عنهم، ولا في عهد التابعين، وحيث لا تعرفه القرون الفاضلة، فليس هو من سنة المسلمين، وإنما انتقل إليهم من غيرهم.

قال في «وفيات الأسلاف»: «وضع رسم صورة الهلال على رؤوس منارات المساجد بدعة، وإنما يتداول ملوك الدولة العثمانية رسم الهلال علامة رسمية أخذاً من القياصرة، وأصله أن والد الإسكندر الأكبر لما هجم بعسكره على بيزنطة، وهي القسطنطينية، في بعض الليالي دافعه أهلها وغلبوا عليه وطردوه عن البلد، وصادف ذلك وقت السحر، فتفاءلوا به واتخذوا رسم الهلال في علمهم الرسمي تذكيراً للحادثة، وورث ذلك منهم القياصرة، ثم العثمانية لما غلبوا عليها، ثم حدث ذلك في بلاد قازان» انتهى.

«التراتيب الإدارية» للشيخ عبدالحي الكتاني رحمه الله (1 / 320) .

ويوضح كتاب «تاريخ العلم العثماني» تأليف أحمد تيمور، أن الهلال كشعار تم اقتباسه من الرومان بعد فتح العثمانيين للقسطنطينية، لأنه كان شعاراً لمملكتهم الشرقية، وهو قول الإفرنج في معالمهم ومعاجمهم التاريخية، ويروى أنه قديم عند البيزنطيين قبل تكون مملكة الروم الشرقية، وكان سبب اتخاذهم له أن فيليب المكدوني والد الإسكندر الأكبر، في ليلة حالكة، ولما اقترب منها ظهر الهلال في الأفق وقت الحسر، وقيل ظهر القمر من وراء سحابة وبدأ طرف منه كالهلال، فكشف لأهلها مواقع المحاصرين فدفعوهم عنها، وتيمنوا به فجعلوه شعارهم وصوره على أبنيتهم.

وانتقد عبدالحي الكتاني في كتابه: (نظام الحكومة النبوية المسمى: التراتيب الإدارية) بناءً على تصويبه للأثر الذي أورده ابن حجر عن مالك الأزدي، ما ورد في كتاب: (وفيات الأسلاف وتحية الأخلاف، للشهاب المرجاني القازاني) حينما قال: «وضع رسم صورة الهلال على رؤوس منارات المساجد بدعة، وإنما يتداول ملوك الدولة العثمانية رسم الهلال علامة رسمية أخذًا من القياصرة، وأصله أن والد الإسكندر الأكبر لما هجم بعسكره على بيزنطة، وهي القسطنطينية، في بعض الليالي دافعه أهلها وغلبوا عليه وطردوه عن البلد، وصادف ذلك وقت السحر، فتفاءلوا به واتخذوا رسم الهلال في علمهم الرسمي تذكيرًا للحادثة، وورث ذلك منهم القياصرة، ثم العثمانية لما غلبوا عليها، ثم حدث ذلك في بلاد قازان»، وحتى بقول الكتاني بوجود أصل لاتخاذ الهلال شعارًا، فإن العلماء على القول بتضعيف أثر سعد بن مالك التضعيف الشديد، ويواطؤون كلام المرجاني في وفيات الأسلاف، بأن اتخاذ الهلال شعارًا لا يعلم له أصل في الشرع، كونه لم يكن معروفًا في العهد النبوي، ولا الراشدي، ولا في عهد التابعين وتابعيهم، وإذا كانت القرون الثلاثة الأقرب لعهد النبوة لا تعرفه، فليس هو من سنة المسلمين، وإنما انتقل إليهم من غيرهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store