Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بين خالد وزهير

بين خالد وزهير

A A
ثمانون حولاً عاشها زهير بن أبي سلمى وكانت كفيلة حينما بلغها بأن يعلن سأمه من الحياة وفقدان الشغف، وزهده في ما بقي منها، ولا غرو في ذلك، فالإنسان حينما يتقدم في العمر تبدأ الحياة في عينيه تفقد شيئاً من رونقها، وتقل قيمتها تدريجياً كل ما تقدمت به السنون، وهذا الأمر طبيعي ويحدث لمعظم البشر وذلك نتيجة التغيرات الفسيولوجية والبيولوجية التي تحدث خلال هذه المرحلة من مراحل عمر الإنسان، ولكن ما هو غير طبيعي ويُعدُ فريداً ولا يحظى به غير قلة قليلة من البشر هو أن نجد من بلغ هذا المبلغ من العمر وهو لا يزال متفائلاً وشغوفاً وقادراً على العطاء والعمل، ونحن هنا أمام حالة تقف على طرفي نقيض مع حال زهير بن أبي سلمى الذي قال:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش

ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم

بينما قال صاحب الحال المضادة لحال زهير:

يا مرحبا بك يا ثمانين عمري

لو ما هقيت إني أشوفك وأنا حي

إنه الأمير الشاعر خالد الفيصل، الذي قابل قصيدة زهير بقصيدة ملؤها التفاؤل والأمل والعزيمة والإصرار على المضي قُدماً رغم إيمانه التام بأن مرحلته العمرية مرحلة تتطلب من المرء أن يعتني بنفسه عناية خاصة ولكنه رغم ذلك يقرر الاستمرار في البذل والعطاء، وذلك حينما قال:

واليوم لو ثقلت بي الرجِل بُصري

لي عزمٍ أمشي به على كل ما في

وتؤكد الدراسات إلى أن أصحاب العزيمة القوية هم أناس عادة ما يكون لديهم مستوى عالٍ من الرضا عن النفس، وعن البيئة التي يعيشون بها، ويرتبطون بالطبيعة ويتحلون بوحدة الروح والجسد والعقل، وهو أمر يؤهلهم لتخطي الصعاب على خلاف غيرهم ممن لا يتحلون بهذه الصفات.

كما أشارت الدراسات إلى أن من يمتلكون مثل هذه القدرات على مجابهة الحياة والتغلب على مصاعبها لاسيما في المراحل العمرية المتقدمة هم أناس يتميزون بشخصية قوية، ويتحلون بقدرات استثنائية متفائلة تمكنهم من التفكير الإيجابي وممارسة العمل الجسدي والذهني المضني، ولعل من يرى ما يقوم به الأمير خالد الفيصل من عمل دؤوب يؤمن إيماناً تاماً بما خلُصت إليه هذه الدراسات، ليس ذلك فحسب فمما خلُصت إليه الدراسات أن عينة المبحوثين يتميزون بالتواضع عند النظر في أمور الحياة كافة ويتقبلون الآخرين كما هم بجوانبهم الإيجابية والسلبية ولا يحملون الآخرين مسؤولية ما حدث من أخطاء بل يحافظون على هدوئهم في التعامل مع الأخطاء والمشكلات، والأمير خالد هو بلا شك ممن تنطبق عليه نتائج هذه الدراسات فهو إنسان متواضع ويتقبل الآخرين ويتعامل مع المشكلات بكل روية وحكمة قلَّ أن تجدها في غيره.. ويبدو ذلك جلياً في قول الأمير حينما قال:

أبحث عن اللي يرفَع الرّاس واشري

ما شْغَلْـت نفسـي بالمَلذّات والغَـي

أشْغَلتْ وقتي واستفَزْيت عصري

أصَحّي الغفوات بالشمس والفَي

اغضي.. ولكن ما تَناقَصْتْ قدري

وأسْمَحْ .. ولكن ما تنازَلت عن شـي

رُمْتْ المراَجلْ طفلْ لكنّي ـدري

إنّي أَبَطْوي كلّ عَسْراتها طَي

بقي أن نُشير إلى أن من المميزات التي يتمتع بها المبحوثون في الدراسات المجراة أنهم يتميزون بحب الاطلاع وزيادة حصيلتهم المعرفية، وبالنظر إلى مسيرة الأمير خالد في هذا الشأن نجد أنه شاعر نظم الشعر في كافة فنونه، ولا نجد أحداً يعرف الأمير ولا يحفظ شيئاً من أشعاره، وهو أيضاً فنان تشكيلي وأحد رواد هذا الفن في المملكة والوطن العربي، هذا فيما يتعلق بالشعر والفن، أما فيما يتعلق بالنواحي الأدبية الأخرى فهو أديبٌ ومفكرٌ ذو فرادة، وهو بلا شك من أميز الرجال الذين عرفتهم الإدارة، كيف لا وهو من تعلم علي يدي جده المؤسس ووالده وأعمامه وهو ما يؤكده الأمير حينما قال:

دَرَسْتْ علم الفكر والعزّ بدري

في مدرسة جدّي وأبوي وعَمامي

ندعو المولى عز وجل أن يحفظ أبا بندر ويمد في عمره، ويُعلي قدره، ويطيّب ذِكْرَه.

Naif2010ksa@gmail.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store