Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

ألوان الحرية الشخصية الجديدة

A A
نحن نعيش مفهومًا (غريبًا) لليبرالية يريد البعض فرضه على العالم، المفاهيم التي كانت معروفة في السابق أصبحت غير مقبولة، ونجح الليبراليون الجدد في فرض الكثير مما يدفعون إليه، خاصة في أوروبا وأمريكا، وعندما صلى رئيس وزراء أسكتلندا، أو الوزير الأول كما يُسمّونه السيد حمزة يوسف في مقر مجلس الوزراء مع عائلته، كأول زعيم مسلم للحزب الوطني الأسكتلندي، بعد أن تم اختياره خلفاً لرئيسة الوزراء المستقيلة نيكولا ستورجن، وعمت السعادة مختلف بلدان العالم الإسلامي، كان حمزة يوسف قد قدم أوراق اعتماده مؤيداً لتشريعات ستورجن المثيرة للجدل، بشأن الاعتراف بزواج المثليين وحقوق المتحولين جنسياً، وهاجم الذين نافسوه على زعامة الحزب قائلاً: إن أفكارهم المعارضة للمثليين والمتحولين جنسياً ستؤدي إلى أن «يرتد الحزب إلى اليمين».

وقبل أسكتلندا، تم اختيار ريشي سوناك رئيساً لوزراء بريطانيا، رغماً عن أنه وزوجته متهمين بالتهرب الضرائبي، واحتفل الهنود وبعض سكان العالم الثالث بانتخابه، لأن بريطاني من أصول هندية تولَّى رئاسة وزراء الدولة الاستعمارية السابقة، وعمت الفرحة الهندوس وهم يشاهدون ريشي سوناك وزوجته أكشا نامورتي، يمارسان الطقوس الهندوسية على أبواب عشرة داوننج ستريت (مقر رئيس الوزراء)، ولكن ذلك لم يتم إلا بعد أن قام ريشي سوناك بتأكيد ولائه للحركة الليبرالية التقدمية الجديدة.

ومن المشاكل التي أدت إليها مفاهيم الليبرالية التقدمية الجديدة، أو ما اتفق على تسميته الصحوة، وبالإنكليزية WOKE، أن رئيسة وزراء أسكتلندا السابقة وقعت في مشكلة تحديد أين يُسجن مجرم أُدين باغتصاب نساء مرتين، ثم أعلن أنه متحول جنسياً، وأصبح امرأة، هل يُسجن في سجن نساء أم في سجن رجال؟.

تقوم فلسفة المدارس الفكرية الجديدة على أساس اعتماد الحرية في كل شيء، وبناء أجيال (حرة) في كل شيء، بما فيه الجنس والإنتاج وعدم الالتزام بالعادات والتقاليد والمذاهب، وبينما كانت الحرية التي يدعو إليها الليبراليون تقتصر في البداية على أنشطة الإنسان، خصوصاً تلك المتعلقة بالسياسة والاقتصاد، وتطالب بعدم تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي، وتشجع التبادل الاقتصادي بين الدول، وكانت عاملاً مهماً في إطلاق تيار العولمة، وساعدت العولمة على جعل الصين دولة شبه رأسمالية، إلا أن تلك الحرية الاقتصادية أدت إلى خلق وحوش مالية، وهي أقلية تكتنز الثروات على حساب الأكثرية، وأصبح القرار، في أمور هامة بيد الطبقة الليبرالية الرأسمالية، إذ أن إمكانياتها المادية ساعدتها على فرض نفسها في السياسة والمجتمع والتربية والبيئة، وأصبح بإمكانها وضع مَن تريد في مراكز قيادية هامة، سياسية، وفي الشركات الضخمة.

مؤسسات التعليم العالي التي هي بحاجة دائماً إلى الدعم المادي لتوظيف مدرسيها وإدارييها، والصرف على دراساتها البحثية والعلمية، أصبحت تواكب متطلبات الليبرالية الجديدة بتكثيف مناهجها وأبحاثها بالمواد العلمية والتكنولوجية، وانطلقت مؤسسات ضخمة عابرة للحدود، تنشر أفكار لليبراليين. وتغلغل هذا الفكر في المدارس والجامعات (في الغرب) بهدف بناء (أجيال حرة)، وانعكس الأمر على تبني أفكار لم تكن موجودة من قبل، مثل الاعتراف بالمثلية الجنسية والدفاع عنها تحت شعار «حرية أن تكون مختلفاً»، وشرعت ذلك بالقانون، وأخذت التشريعات تتوالى، وكان آخرها تبني كثير من الدول الغربية مبدأ عدم إعلان جنس الطفل عند الولادة أكان ذكراً أم أنثى، وقوننت بعض الدول، كمثال كندا وألمانيا، أن يتم طرح الأمر على الأطفال في سن الست سنوات، ليختاروا هويتهم الجنسية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store