انطلقت في بلادنا الغالية الحملة الأمنية لمكافحة المخدرات والتي تعد أكبر حملة لمواجهة مخاطر السموم وتوعية أفراد المجتمع بأضرارها على صحة البشر والمجتمع، إذ تعد مشكلة انتشار المخدرات، وتداولها، وتعاطيها، من أخطر القضايا، التي تهدد مجتمعات دول العالم الذي يؤدي إلى أضرار بالغة بخطط التنمية وزيادة معدلات القتل والاجرام، وبما يتركه من آثار مدمرة على صحه الشباب، وأفراد المجتمع صانعي هذه التنمية.
وحرصت بلادنا الغالية على مواجهة هذه الآفة، لحماية المجتمع وأبنائه من الاستهداف بتلك المواد السامة، التي تفتك بالعقل والصحة وتقضي على حياة الإنسان، وسخرت كل جهودها على الضربات الاستباقية لمواجهة آفة المخدرات عبر الوسائل المبتكرة لمنع دخول المخدرات إلى المملكة، فبفضل الله ثم بجهود رجال الأمن والجمارك يتم مواجهة ومنع دخول المواد المخدرة إلى البلاد، وفق خطط مدروسة، لحماية المجتمع السعودي من خطر الإدمان مع توفير إماكن متخصصة لعلاج المدمنين.
ولا يخفى على الجميع أن أنواع المخدرات كثيرة ومتنوعه فمنها:
- المخدرات الطبيعية ومن أشهرها القات والحشيش والماريجوانا والكوكا والافيون وأنواع أخرى كثيرة.
- مخدرات نصف اصطناعية وهى مزيج من مادة طبيعية ومواد كيميائية مثل المورفين والهيروين والكوكايين.
- مخدرات التخليقية: ويتم تصنيعها بالكامل من مواد كيميائية وأشهرها مثل الكريستال ميث (الشبو) والامفيتامينات الذى يعتبر السبب الأول للوفيات فى العالم الآن.
- إدمان الأدوية المخدرة الذى تم إدراجها تحت جدول المخدرات، ومن أشهرها ترادمول ولاريكا وجابتين وغيرها كثير.
والواقع أن أخطر ما يشهده العالم الآن هو مخدر "الشبو" بسبب سرعة إدمانه وسهولة تصنيعه وسرعه توزيعه وانتشاره، ويعتبر من أفتك أنواع المخدرات وآثاره المدمرة التي تدمر الصحه العقلية والعصبية والجسدية فى فترة قصيرة وتنتهى بالوفاة بعد فترة قصيرة من الإدمان.
ويأخذ الشبو شكل الكريستال الناعم أو حبيبات الملح أو السكر النباتي، ويتعاطى بالشم أو بالحقن أو بوضعه فى التبغ مع السجائر.
ومن أهم أعراضه الأرق وعدم النوم لمدة طويلة وزيادة كبيرة فى ضربات القلب والاضطراب الذهني من هلوسة بصرية وسماعية، إذ يتخيل المتعاطي أمور وهمية، كما يتخيل بأن أقرب الأقربين يريدون الفتك به فيبادر بالفتك بهم، فمعظم هؤلاء المدمنين يموتون بالسكتات الدماغية أو القلبية المفاجئة بسبب زيادة إفراز هرمون الدوبامين والادرينالين، وتزداد خطورة القاتل المحترف بالوفاة بمجرد التفكير في تجربته.
وينتشر هذا المخدر القاتل المحترف في البداية على أساس أنه يمنح الطاقة والنشاط والتركيز والقوة الجسمانية والجنسية، ولكن سرعان ما يكتشف المتعاطى بأن هذه الأمور وهمية، ولكن بعد فوات الأوان وقد أصبح مدمناً وأسيرًا لها.
وتشير المراجع التاريخية إلى أن أول من استخدم الشبو هم جنود هتلر فى الحرب العالمية الثانية لتحفيز النشاط والقوة، ولكن للأسف سرعان ما أصبحوا مدمنين وأصيبوا بالاكتئاب وضعف المناعة والأمراض، وأخيراً الانتحار.
ولأول مرة الآن فى تاريخ أمريكا تعلن حالة الطوارىء والحرب للقضاء على زحف كريستال الشبو الذي كان ضحيتها مئات الألوف من المتعاطين فى خلال أشهر قليلة.
وهناك عدة أسباب لتعرض الفرد لخطر الإدمان أهمها الجهل بأخطار استعمال المخدر، ضعف الوازع الديني، والتنشئة الاجتماعية غير السليمة، التفكك الأسري، الفقر والجهل والأمية، انشغال الوالدين عن الأبناء، وعدم وجود الرقابة والتوجيه، عدم وجود الحوار بين أفراد العائلة، مجالسة أو مصاحبة رفاق السوء، البطالة والفراغ..
ولا شك أن أنجح أساليب الوقاية من تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية هي تنمية الرقابة الذاتية لدى الأفراد وزرع القيم الصالحة وتوعية الشباب بمخاطر تعاطي المخدرات على كافة الجوانب، وبناء فرد قوي مدرك وواع ليكون مواطنًا صالحًا، وأفضل سبيل لذلك هو التربية الأسرية السوية التي تقوم على التفاهم والحوار بين أفراد الأسرة، وتسعى بحق لبناء المهارات الحياتية لدى الطفل التي تجعله حين يخرج للمجتمع قادرًا على التمييز بين السلوكيات الصحيحة والسلوكيات المنحرفة وقادرًا على مواجهة ضغط الأقران بشخصيته المستقلة.
وأخيراً.. يجب أن يتكاتف جميع أفراد المجتمع للتصدي لتلك الآثار الكارثية لتعاطي المخدرات، من خلال نشر الوعي حول أضرار المخدرات الوخيمة، والأعراض التي يمكن ملاحظتها على المتعاطي لاكتشاف المدمن في المراحل المبكرة من الإدمان.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
