Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الدُون..!!

A A
لا أكترث البتّة بما لَقَّبَ به الإعلامُ الأوروبّي اللاعب كريستيانو رونالدو في بلده البرتغال أو في إنجلترا، أو إسبانيا، أو إيطاليا، ولكنّي أكترث بتقليد إعلامنا الرياضي لما لقّبه به الإعلام الأوروبّي، وكأنّ إعلامنا يُقلِّد لغرض التقليد فقط، دون محاولة ولو سطحية لمعرفة أصل اللقب وفصله.

وكأنَّ إعلامنا -ولا مؤاخذة- مثل الببّغاء، يسمع كلام الناس، فيُردّده وإن كان لا يفقه معناه، سواءً كان من الكلام الحسن أم الكلام السيئ.

ولقب (الدُون) الذي حُمِّل به رونالدو في أوروبّا، ثمّ حمّله إعلامُنا به كذلك، يعني السيّد الذي يُحترم لقوّته، فإن كان امرأة فتُلقّب (دونا)، لكنّ أحد المجالات الأخرى لاستخدامه كان يخصّ رؤساء عصابات ألمافيا في بدايات القرن العشرين المنصرم، وخصوصاً في جنوب إيطاليا، حيث عصابات الجريمة المُنظّمة التي اُشْتُهِرت باغتيال منافسيها على السطوة والهيمنة على التُجّار بأخْذ الجبايات المالية منهم بحُجّة حمايتهم، وكذلك الاتّجار بالمخدّرات والسلاح والدعارة وغيرها من الأعمال الإجرامية وغير القانونية.

وكان أيّ دُونٍ من هؤلاء الرؤساء يجلس على مقعده في قصره المُحاط بالحرس المُدجّج بالسلاح، ويُؤتى بمنافسه مُكبّلاً، ثمّ يتحدّث معه بهدوء وكأنّه والدٌ له أو شقيق، ويخبره أنّه قاتله ببرود شديد، بينما يبكي مُنافسه ويتوسّل إليه دون جدوى، وما هي إلّا لحظات وتُطلق رصاصة عليه من أحد مُعاوني الدُون بعد إشارة منه، لتنتهي حياة المُجرم المنافس للدُون إلى الأبد، وتُلقى جثّته أمام بيته وعلى مشهد من عائلته، استعراضاً للقوّة، وتحصل في الغالب عمليات انتقام من رؤساء آخرين، وهكذا بلا رحمة ولا شفقة ولا قوانين، وكأنّهم في غابات مليئة بالوحوش المفترسة.

أتمنّى عدم إطلاق هذا اللقب على رونالدو وغيره، لا سيّما وأنّه يبدو أنّ ميسي قادم بالمثل، ولنعتزّ بلغتنا العربية وما فيها من مُفردات ثريّة تفي بالغرض، وبلادنا هي مأوى الأمن والأمان في كلّ المجالات، بعيداً عن ألقاب رؤساء العصابات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store