Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أيام الرؤية.. بين التنظير والتطبيق

No Image

A A
أيام الرؤية ليست مجرد خربشات على ورق، تستعرض بين الفينة والأخرى في اجتماعات دورية تعرض فيها خطط وأهداف المنظمة على شاشة كبيرة بينما يترك الأعضاء أعمالهم الأساسية جانباً.. إنها ليست منظومة بلا حواجز للمحيط الخارجي مع وجود سد الصين العظيم داخل المنظومة، أيام الرؤية ليست مجرد اسم يوحي بالحداثة والتطور، دون أن يترجم إلى واقع ملموس..

أيام الرؤية ليست قائدًا يُختار فريقه بدقة، ليكونوا مجرد أدوات للخضوع وتنفيذ الأوامر.. إنها ليست محاولة لتقليل دور وأهمية كل فرد في المنظومة، حتى يظل سعادة المدير هو الشخص الوحيد الذي يبرز في كل الأوساط، والأخبار، والصحف المقروءة، والمسموعة.. إنها ليست كيان يعمل فقط على سعادة المدير، ليصبح هو المصدر الوحيد للحلول والقرارات ويصاب الجميع بالإحباط والاستياء.. أيام الرؤية احترام لدور وأهمية كل فرد في المنظومة، حتى لا يصبح سعادة المدير هو المعيار الوحيد للنجاح والتميز.

أيام الرؤية ليست بهجة مؤسسية تبنى على الأوهام، كتوفير مناصب للترشيح ثم إجراء مقابلات شخصية واستطلاعات رأي للمرشحين بدون نتائج، واختيار وتعيين بعلامات استفهامية.. أيام الرؤية ليست في تعيين شخص بعيد عن الفريق ولكنه فصيح اللسان او صديق مقرب او من وصى عليه اقوام وأحباب.. ينفذون ولا يفكرون... يؤيدون ولا يناقشون.. يصفقون ولا يعارضون، لأن المدير يرى أنه الأرجح عقلا، وأنضجهم تجربة، وأعظمهم تطويراً.. أيام الرؤية ليست في إقامة "سكرتارية الخمسة نجوم" التي أشار إليها الدكتور صالح المحيميد في نتائج تحليله للقيادات.. أيام الرؤية ليست نتيجة لرغبة المسؤول، الذي يضيع وقته في المسائل الإدارية التي يمكن للسكرتير أن يتولاها، أيام الرؤية لا تعتمد على تركيز مركزي يجعلهم لا يعطون أي صلاحيات للآخرين أو يثقون بهم، حتى في أصغر القرارات التي يتولاها الإداريون في القطاعات ذات القيادة الناضجة..

رحم الله الإمام في الإدارة د. غازي القصيبي وأسكنه الجنة حين قال: (نصف المشكلة في اختيار القيادات والنصف الثاني في كيفية التعامل معهم).. فاختيار الفريق تحدي للقادة الأكفاء.

الرؤية هي البوصلة التي تهدي الفريق نحو الهدف، والمحرك الذي يحفزه على العمل بشكل علني ومتناغم.. هي الخطوة الأولى نحو المستقبل، حيث تتضافر الجهود وتتآزر.. الرؤية لا تقتصر على شعارات جوفاء تُعلن أمام الموظفين في اجتماعات وهمية، بل تستند إلى خطط تنفيذية واقعية وخطوات مدروسة.

أيام الرؤية هي أيام نبني فيها ثقافة الشغف والولاء للمنظومة، وندعم الابتكار في جميع أصعدتها.. فبفريق عمل قوي وجيل شاب مؤهل، نستطيع تحقيق الرؤية بشكل مستدام ومشرف.. ستكون فرقنا ملتزمة بروح العمل المتميز والشغف بالإنجاز، وسيكون لدينا جيل شاب قادر على إحداث التغيير المطلوب.. لن تكون أيام الرؤية كلمات زائفة تُنسى بسهولة، بل ستكون حقائق حية تُعاش من قبل جيل يمتلك القوة والإرادة التي تدفعه لخلق مستقبل باهر ومزدهر.. بهذه الطريقة، سنضمن أن نسير في درب الرؤية بثبات وإخلاص.. سنتمكن من بناء مجتمع يتسم بالابتكار والتفوق، وتحقيق التحول الإيجابي الذي نصبو إليه.. ستصبح الرؤية جزءًا حقيقيًا وفعالًا من حياتنا وحياة كل أفراد المنظومة.

في تجربة رؤية 2030، أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان رؤية تستند إلى الكنز المكنون، الشعب السعودي، فأثار حماس جيل من الشباب المبدع، يضخون الحياة في مهامهم ويرسخون ثقافة التطور المستمر.. كان التركيز على بناء فريق قوي وتأهيل جيل من الشباب المتحمس للعمل الجاد للوصول إلى الأهداف المرجوة، التركيز على ابتكار حلول جديدة والتعبير عن آرائهم بثقة، التقدير الصادق للمساهمات الفردية والجماعية.. تعلمنا أن الرؤية يجب أن تكون متجذرة وحية في كل جانب من جوانب المنظومة، تشارك الجميع في بناءها وجعلها جزءًا من حياتهم اليومية.

وفي تجسيد لهذه الرؤية، وصل رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي وعلي القرني إلى محطة الفضاء الدولية، محققين حلمًا كان يبدو بعيد المنال.. وفي الختام الرؤية هي التي تحدد الغاية والسبيل، والتي تشعل شغف الفرد والجماعة، والتي تولد ثقافة الابتكار والتفوق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store