Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

فجوة التعليم.. بين الجودة والتقييم

No Image

A A
يحتفل الأهالي بتخريج أبنائهم من الثانوية العامة ويهنئون الطلاب الذين تم قبولهم في الجامعات والمعاهد والبعثات الدراسية الخارجية، مع تمنياتهم لهم بالتوفيق والنجاح في مسيرتهم العلمية والمهنية، ليكونوا عنوانًا للفخر والتقدم لوطنهم وأمتهم. لا شك أن التعليم هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها رفاهية الشعوب وتقدمها.. في المملكة العربية السعودية، شهد نظام التعليم تطورًا كبيرًا على مر الزمن، بدءًا من المساجد والكتاتيب وصولاً إلى وزارة التعليم الحالية. تحققت نتائج ملموسة في مجال التعليم والبحث العلمي في المملكة، حيث احتلت المركز السابع عشر عالميًا في مجال الاستشهاد بمخرجات البحث العلمي وحققت تقدمًا في تصنيفات عالمية أخرى. تعكس هذه التطورات التزام القيادة الحكيمة بتعزيز التعليم في جميع مراحله، تسعى المملكة الآن إلى تحقيق رؤية 2030 التي تهدف إلى تحسين جودة التعليم وجعله أكثر شمولاً واستدامة.

في المملكة، يوجد عدة أنواع من المدارس، مثل المدارس الحكومية والخاصة ومدارس الدبلوم الدولي وبرامج الموهوبين. تتميز مدارس الدبلوم الدولي بتقديم منهج أكاديمي صارم يُعد الطلاب للالتحاق بالجامعات العالمية، بينما تُصمم برامج الموهوبين خصيصًا للطلاب ذوي القدرات العالية والحاجة إلى تحدٍ أكثر في مجال التعليم. يواجه نظام التعليم في المملكة تحديات متنوعة، منها التفاوت في جودة التعليم بين المدارس المختلفة. فهناك فجوة كبيرة تفصل بين المدارس العالمية والمدارس الحكومية والخاصة في مستوى التعليم والتأهيل والتقويم. كانت المدارس تُقاس جودتها بتبادل الاختبارات النهائية بين المدارس، وكان بعض المدرسين يستعرضون بقدرات طلابهم، وطلابهم المتفوقون يستعرضون بقدراتهم في حل الصعوبات. ثم توحدت اختبارات الثانوية من الوزارة، وبسبب صعوبة التوصيل قبل الاختبارات يتم التنسيق مسبقاً بين الوزارة والمدارس لتوزيع الاختبارات. وعليها تجد المدرسين يبذلون قصارى جهدهم في الشرح والفهم وتوقع الأسئلة، وتمركزت بعض المدارس باحتلال مراكز متفوقة سنوياً ومن ثم ألغي هذا النظام وحل محله السنوات التراكمية في الثانوية والآن دخلت الاختبارات التحصيلية والقدرات عاملا مساعدا في الفرز. وعلى الرغم من أن طلاب المدارس الحكومية والخاصة يحصلون على دعم ومساعدة من مدارسهم لتجاوز الصعوبات وتحقيق درجات عالية، إلا أن طلاب المدارس العالمية قد يواجهون صعوبة في تيسير مناهجهم لارتباطهم بالمعايير الأكاديمية. هذا المشهد المتضارب في مجال التعليم يُظهر وجود فجوة كبيرة بين أنواع التعليم وتأثيرها على الطلاب والطالبات، وهناك فئات من المستفيدين والخاسرين في هذا النظام. عاماً بعد عام، يندم الأهالي على الضغط الذي مورس على الأبناء في المدارس العالمية وتفوقهم، مقابل اختبارات القدرات والتحصيلي، وما يجعلهم متمسكين في التعليم العالمي هو جودة البيئة التعليمية والحزم والذي يقاس بالاعتماد الأكاديمي الذي يحرص على جودة التعليم والمحافظة عليه، وصولا إلى الوضوح والشفافية في جميع أنشطة المؤسسة التعليمية والإدارية، وتقديم معلومات دقيقة وموثوقة للطلبة، وغيرهم من المعنيين حول أهداف البرامج التعليمية التي تقدمها المدرسة، وإجراءاتها في تحقيق تلك الأهداف، والتأكد من أن برامجهم حاصلة على الاعتماد الأكاديمي بجميع أنشطتها وفعاليتها تحقق متطلبات التنمية، وتلبي حاجات الطلاب والمجتمع، وتؤدي إلى رفع مستوى الأداء المهني، وزيادة الشعور بالمسؤولية المهنية لدى العاملين، وتحمل المسؤولية الجماعية لتطوير المدرسة والمحافظة على جودة مخرجاتها.

في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها سوق العمل والمجتمع، يثار السؤال عن مدى فعالية اختبارات التحصيلي والقدرات في قياس مخرجات التعلم للطلاب في الثانوية العامة ومستوى استعدادهم للانضمام إلى الجامعات المحلية السعودية. فهل هذه الاختبارات تعكس حقاً ما يحتاجه الطالب من مهارات ومعارف وقدرات في عصر المعرفة؟ أم أنها تشبه قرار حكومة بلد ما بتغير مقود القيادة من اليسار إلى اليمين لحل مشكلة الحوادث، دون دراسة أسبابها وآثارها!

من هنا يطرح السؤال: هل نرضى بهذا الوضع الذي يؤثر على تحصيل أبنائنا وبناتنا ويقسمهم إلى مستفيدين وخاسرين؟

الم يأن أوان تطبيق مقاييس الجودة في المدارس، من رياض الأطفال إلى الثالث ثانوي. يحدد الأهداف التعليمية، المناهج الدراسية، المحتوى التدريسي، مهارات المعلمين، بيئة التعلم، نتائج الطلاب. من خلال تطبيق مقاييس الجودة، يمكن لوزارة التعليم ضمان أن جميع المدارس توفّر تعليمًا عالي الجودة لجميع الطلاب، وعليه تطوير طرق التقييم والفرز للطلاب، بحيث تستند إلى معايير واضحة وعادلة. ألا يعد توحيد اختبارات الوزارة أدق وأفضل في قياس مخرجات التعليم وضمان حصول جميع الطلاب على ميزان موحد، مع الاستفادة القصوى من التقنية لضمان استدامة التغيير والتقييم!

يا وزارة التعليم، نحن ندرك بوجود مدارس حكومية وأهلية تحظى بإدارة قوية، ومعلمين متمكنين وطلاب متميزين ونتائج مشرفة. ومع ذلك، نرى أن الوقت قد حان لسد الفجوة في التعليم، وأنها ليست مسألة فردية أو مؤسسية فقط، بل هي مسألة شاملة تتطلب تكاملًا وتعاونًا بين جميع الأطراف المعنية. إن هناك حاجة ماسة لإصلاح التعليم في المملكة بما يضمن توحيد معايير الجودة والتقييم والاختيار بين جميع المدارس. ولتحقيق الجودة في التعليم من خلال إنشاء هيئة مختصة لتقويم التعليم العام. يمكن أن نتعلم من التجارب الناجحة لمراكز عالمية لتقييم الجودة في التعليم ونستوحي أفضل الممارسات لتحسين الأداء التربوي للمعلم والطالب. يجب أن تكون هناك معايير وضوابط تحكم جودة المدخلات والعمليات والمخرجات. فالمدخلات تشير إلى كافة الموارد اللازمة لإنجاز الأهداف التعليمية، مثل المباني، والتجهيزات، والكادر التربوي، والطلاب. والعمليات تشير إلى كافة الأنشطة التربوية التي تتضمن التخطيط والتدريس والتقويم. والمخرجات تشير إلى كافة النتائج التعليمية التي تبرز في سلوك الطلاب من حيث المستوى الأكاديمي والشخصية.

يا وزارة التعليم: هل يمكن الاستفادة من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في كليات العلوم والتربية؟ وخصوصاً بعد تقنين القبول في تلك الكليات. هل يمكن الاستفادة من خبرات العاملين في الاعتمادات الأكاديمية لتقييم هذا الاقتراح بناءً على المعايير الدولية والممارسات المثلى في مجال التعليم.

في ظل التحديات التي يواجهها خريجو الثانوية في اختيار تخصصاتهم الجامعية، غرد رئيس جامعة ناشئة نصيحة قيمة لهم: "الابن والابنة خريج الثانوية.. ارسم خطوط أفقية للتخصصات المطلوبة في سوق العمل والتوجهات الوطنية وخطوط رأسية لشغفك.... ثم ابحث عن التقاطعات". ولكن هذه النصيحة ليست سهلة التطبيق كما يبدو. فالعديد من الطلاب والطالبات يجدون صعوبة في تحديد شغفهم أو في مواءمته مع متطلبات القبول في الجامعات السعودية. وأحياناً يضطرون إلى اختيار تخصصات لا تناسب قدراتهم أو اهتماماتهم أو طموحاتهم. ولذلك، نود أن نقدم لسعادة الرئيس ولجميع المهتمين حلاً جديداً وفريداً: في دراسة رياضية تستند إلى مجموع تجارب الآباء والأبناء التي أصبحت منهجاً وملاذاً. هذه الدراسة تستخدم مفهوم "المنطقة المثلى" التي تحقق التوازن بين شغف الطالب ومتطلبات سوق العمل والرؤية الوطنية. وتظهر نتائج هذه الدراسة أن معظم نقاط التقاطع بين هذه المتغيرات تكون خارج المنطقة المجدية، أي غير قابلة للتنفيذ في الجامعات السعودية. ولكن هذا لا يعني أن الطالب يجب أن يستسلم للظروف أو يضحي بشغفه. بل يمكنه أن يسعى إلى الحصول على قبول وبعثة لأفضل 20 جامعة عالمية، والتي تراعي التقييم على ثلاثة محاور: 1- مناهجنا، 2- مجموع درجات الثانوية، 3- إتقان اللغة الإنجليزية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة