الرواية كما يقول باختين "هي جزء من ثقافة المجتمع، وأنها تحمل في مضمونها عدداً من الخطابات التي تحتضنها الذاكرة الجماعية" وهذا هو لبّ العمل الروائي من وجهة نظري فبدون الغوص في قضايا المجتمع من تشخيص وسرد وموضوعات تبقى الرواية حينئذٍ بروازا دون صورة.
إن العمل الروائي أشبهه كالبناء فكل بناء يحتاج له قواعد تتحمّل ما تُبْنى عليه ومن هذا المنطلق نحتاج من الكتّاب والروائيين على وجه الخصوص نقل ما يحدث في الشارع المحلي والبيئة المحيطة به من هموم وآلام وأفراح وأتراح ومع ذلك نؤكد نقل الشخصيات بحالاتها وكل حمولاتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إن الرواية كما أراها الآن أصبحت ديوان العرب ولسان حاله والآن نأتي للسؤال: هل تعيش الرواية السعودية هموم المجتمع السعودي الاقتصادية - الاجتماعية؟
بصراحة لا وألف لا سوى روايات بالكاد تعدّ على أصابع اليد الواحدة وهذا لعمري لا تفي بنقل ثقافة المجتمع مع احترامي الشديد لهؤلاء، إن مجتمعنا السعودي بتحولاته المجتمعية محلياً وعربياً وعالمياً في هذا العهد السلماني الزاهر ومحمد عرّاب رؤية ٢٠٣٠ الأمير الشاب والذي أبهر العالم بشخصيته ونفوذه وأفكاره تحتاج من الروائيين وهم الذين يعيشون هذا التحولات الفكرية والثقافية والاجتماعية والمجتمعية الآن أن ينقلوا بحروفهم هذه التحولات بفن الرواية وسرد الواقع وتحليل ذلك مرتبطاً بهذا الفن العظيم ألا وهي الرواية ولعلنا نشهد من الشباب خاصة وهم رهان المستقبل وأهم ركائزه في شهود هذه التحولات في المجتمع السعودي وبكل صراحة الجيل الجديد من كتاب الرواية الآن هم وحدهم بأقلامهم النيرة خير من ينقل هذه التطورات لأنهم هو الأقدر والأجدر في تتبع هذه التحولات والتنبؤ روائياً بالمستقبل لأنهم يملكون ثقافتين ثقافة المرحلة وثقافة الطموح، أما الجيل القديم أرى أنهم لم يقدموا شيئاً الآن سوى قلة وما تناثر من هنا أو هناك. إن تأصيل أن القدامى أقدر فهذا وَهْم من وجهة نظري رسخه الإعلام فهناك أسماء قادمة وبقوة وهو الحصان الرابح في هذه المسألة وهناك الكثير مما لا تحضرني أسماؤهم الآن.
إن الشباب الآن أزاحوا من صدعت بهم رؤوس القرّاء وتجدهم في الندوات والمحاضرات والأمسيات يتنقلون من مدينة لأخرى، نفس الأسماء مراراً وتكراراً بينما الروائيون الشباب يقبعون خلف رواياتهم التي تنقل التراث السعودي باقتدار وينتظرون قلماً ناقداً حصيفاً وموضوعياً وأميناً ولكن للأسف النقاد يلهثون وراء الأسماء القديمة التي أشبعت إعلامياً!
وأخيراً..
المجتمع السعودي يشهد تطوراً هائلا ًفي شتى المجالات ثقافياً وأدبياً وفكرياً وقصصياً وشعرياً وروائياً ومقالات تشعر بالناس وتنقل ما يدور في الشارع التراثي والمستقبلي حتى في حروفهم العجلى الطموحة مثلهم، ولعلنا في 2023 نشهد طفرة من الروايات الشبابية كماً وكيفاً.