أتيحت لي مؤخرًا فرصة حضور مسرحية «طلبك جاهز» وهو عرض مميز يتناول بقالب ساخر فكاهي المواقف الكوميدية الناجمة عن العلاقة شبه الفوضوية بين شرائح متعددة من زبائن مطاعم الوجبات السريعة وبين العاملين فيها ليكشف لنا عن مدى تغلغل الوجبات السريعة في حياتنا اليومية، حتى أصبحت جزءاً منا وعادة شبه يومية، ويمكن القول إن العرض كان إلى حد كبير جميلاً وممتعاً ومدعوماً بحوارات كوميدية خفيفة مملوءة بعبارات مرحة أحيانا تصنع الابتسامة وأحياناً أخرى تثير ضحكًا صاخبًا.. وهو ما ساهم في حدوث الانتقالات السريعة والسلسة بين المشاهد والحفاظ على الزخم العالي للأحداث بدون الوقوع في الملل، برغم محدودية السينوغرافيا وصغر مساحة المسرح وفقر النص المترجم والمصنوع في الأصل لبيئة أخرى مختلفة عنا ووجود نكت وأيفهات كرتونية غريبة نوع ما، إلا أن الأداء المميز للممثلين ولا سيما مناهل الهندي وحازم وشاذن وبابكير وسفانة وعبدون، والذين أبهروا الجمهور بطاقتهم الإيجابية الجميلة ولم يعطه خياراً آخر غير الضحك من البداية وحتى النهاية، على الرغْم أن أغلبهم فيما عدا عبدون ما زال في بداية حياته الفنية.
وأظن أن وجود تجارب مشتركة سابقة بينهم ساهم في تعويض عامل الخبرة وهو ما انعكس على العرض، وساعد على رفع جودة بعض المواقف الكوميدية.. أما منتج ومخرج العرض ياسر بكر وهو قيمة فنية كبيرة لا يختلف أحد على موهبته، فيكفي أنه الأبُ الروحي لصناعة الستاند أب كوميدي في جدة، إلا أن تأثره المبالغ فيه بصناعة الكوميدي الأمريكية وإصراره على مبدأ الضحك من أجل الضحك وتهميش (المعاناة) في أعماله حدد فنه، وجعله بعيدًا عن واقعنا (وجهة نظري) لذلك ستجد في عروضه الفنية المتعة والتميز في صناعة الضحك والإيقاع السريع والمبالغات والمفارقات الكوميدية، لكنك لن تخرج بأي رسالة أو أي شعور مؤثر بالعرض بالضبط مثل مسرح سمير غانم ومحمد نجم وغيرهم، وفي النهاية شكراً للصندوق الثقافي على دعم هذا الفنان الكبير في إنتاج مثل هذه العروض المسرحية المميزة، والتي كانت بالنسبة لي وللكثير أشبه بمتنفس من الضحك والبهجة في صيف مليء بالحر والرطوبة.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
