أكثر إصابات الكاحل والقدم شيوعاً هي: السقوط من ارتفاع لا يقل في الغالب عن 3 أمتار، ولكن تختلف درجة الإصابة باختلاف العمر والجنس. فإذا ذكرنا الإصابة الناتجة عن السقوط، أو الحوادث المرورية، فلابد أن نطرح سؤالاً: ِماذا يحدث من هذه الإصابات، وكيف نتعامل معها؟.
في الواقع هناك تفاوت كبير يتعلق بنوعية الإصابة وشدتها وعمر المصاب وجنسه، فلو تعرض راكب للمركبة لإصابة في كاحله أو قدمه ينتج عنها كسور أو خلوع أو كلاهما، قد يكون مصاحباً بجروح مفتوحة أو إصابات مغلقة. فعند وصول المصاب إلى الطوارئ يتم تقييم إصابته، وتحديد حاجتها إلى علاج تحفظي أو جراحي. فلو كانت كسورا مستقرة في مكانها وليست ممتدة إلى المفصل، وغير مصاحبة لجروح مفتوحة، يتم وضع المصاب في جبيرة، ويعطى المصاب أقرب موعد لا يتعدى أسبوعا لعمل تقييم للكسر، وتبديل الجبيرة بجبس كامل، ولا ننسى إعطاء المصاب مسكنات للألم حتى التئام الكسر، وإذا حدث كسر مُزاح وممتد للمفصل، سواء مصاحب لجروح مفتوحة أم لا، فيجب إجراء عملية تثبيت للكسور، سواء داخلياً بالأسلاك أو الشريحة والمسامير، أو خارجياً بالمثبتات المعدنية القوية، ثم يتم متابعة المصاب دورياً حتى التئام الكسور أولياً، لمدة 5 إلى 8 أسابيع.
ماذا يحدث إذا التأمت الكسور بصورة مائلة، أو نتج عن الكسور عدوى والتهابات قيحيةِِ؟.. يحدث مضاعفات مزمنة في منطقة الكاحل، أو بعض المفاصل الصغيرة في منطقة الوزن النازل من أعلى الجسم إلى القدم، وتسمى بالروماتيزم أو ما يُعرف بالخشونة.
وهناك ما يسمى بالتهاب المفصل الروماتيزمي، وهو التهاب بمفصل الكاحل أو مفاصل القدم، نتيجة تغيُّرات تحدث في مكونات الغضاريف المبطنة لعظام المفصل الداخلية، نتيجة لتداعيات الإصابة، أو نتيجة الوزن النازل من الجسم على الكاحل والقدم، والحركة المستمرة. وهنا لابد من التساؤل عما يحدث داخل منطقة الإصابة؟، يجب علينا عمل دراسة لمرضية المفاصل، فعادة يحدث تكسُّر في الغضاريف يبدأ في المناطق التي يحصل عليها حِمل متكرر، نتيجة للتغيُّر الميكانيكي الحاصل بعد الإصابة، ويصاحب هذه التغيُّرات الغضروفية تصلب في مناطق العظام ما تحت الغضاريف وحولها، وتبدو في الأشعة على شكل بروزات عظمية. حتى يصل الأمر إلى تعرِّي الغلاف الغضروفي المبطن للمفاصل تماماً، وفي نهاية الأمر، فإن العظام المكشوفة تأخذ في التكسُّر، ونتيجة لتساقط الغضاريف المتهتكة داخل المفاصل تحدث إثارات مستمرة للأغشية المخاطية المبطنة لمفصل الكاحل والقدم، مسببة في زيادة إفراز السائل السينوفي.
إن معظم المرضى المصابين بأمراض مختلفة، هم عادة فوق الخمسين، يتميزون بزيادة الوزن، وبعض هؤلاء المرضى لديهم تقوّسات مزمنة في الساقين تتسبب في تغيُّر ميكانيكية الكاحل، إضافة إلى أمراض القدم المختلفة، ومن ضمنها فلطحة الأقدام وانحرافاتها المختلفة. كذلك ينتج عنها آلام مزمنة، وتيبّس مستمر، خاصة عندما يستيقظ المريض من النوم، مع حدوث تورمات مزمنة وضمور لبعض العضلات المحيطة، مع تشنجات وانبعاث أصوات مثل الطقطقة حول المفاصل.. وهنا لابد أن نشير إلى أهمية الفحص السريري، حيث يضغط الطبيب على منطقة الكاحل والقدم، فيكون هناك آلام وتورم في تلك المنطقة، تزداد مع خفض القدمين ناحية الأرض، ولابد من عمل اختبارات خاصة بالكاحل والقدم سريرياً لتشخيص المشكلة. ثم نتجه إلى عمل الفحوصات، فنبدأ بعمل الأشعة السينية، والتي تبيِّن تآكل العظام وهشاشته حول منطقة المفصل، وحدوث بروزات عظمية حول المفاصل، مصاحبة بتكوّن حويصلات عظمية قريبة من منطقة المفصل، واقتراب مفاصل العظام من بعضها.
أما إذا تحدثنا عن العلاج، فإنه يتراوح حسب نوعية المرض والإصابة وعمل المريض وتاريخ مرضه وشدته، فإذا تبين من التشخيص وجود إصابات أو أمراض بسيطة ومحدودة، يعطى المريض المسكنات ومضادات الالتهاب والعلاج الطبيعي. أما في الحالات المزمنة التي لم تتحسن بالعلاج الدوائي، فعندها يعطى المريض حقنة الكورتيزون داخل المفصل، ويتم تكرار إعطاؤها ثلاث مرات فقط، أو إعطاء إبر الصوديوم هاليورنايد، والتي أثبتت فاعليتها حديثاً.. وفي حالة عدم الاستجابة للإبر المفصلية فإنه يجب التدخل الجراحي، بإجراء عملية مفصل صناعي. ودائماً ما نُسأل عن فاعلية العلاج بحقن البلازما الطبيعية، وهنا أشير إلى أنه من العلاجات الحديثة التي أثبتت فاعليتها ولكن بشروط، فهي لا تناسب الأطفال أو الحوامل، أو الذين يعانون من خشونة في المفاصل. وهناك الكثير من الابتكارات التي يدخل فيها الذكاء الاصطناعي وتدعم حركة المرضى ونشاطهم اليومي، بارتداء أجهزة الدعم الإلكترونية للأقدام وغيرها من الابتكارات، والتي ما زالت في الطور الأخير من التجارب.