البيت ليس سجنًا، وبالرغم من أن السجن فيه حبس لحرية الشخص، إلا أنه تتوفر به برامج ترفيهية وثقافية ورياضية ودورات تدريبية وحرف مهنية، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، ومسموح به ممارسة الهوايات والألعاب وذلك مراعاة لنفسية السجين.
أما أنت عزيزي ولي الأمر السوي الذي تجعل بيتك بمثابة السجن وأنت السجّان، لأنك تحبس فيه زوجتك وأبناءك وغيرهم ممن لك عليهم سُلطة -ذكورًا وإناثًا- ولا تسمح لهم بمغادرة البيت للترويح عن النفس، وتغيير الجو، وكسر الروتين اليومي الكئيب، ولم تصطحبهم إلى الأماكن الترفيهية أو السفر، وذلك على قدر استطاعتك طبعًا، وكذلك بهدف شغل أوقات فراغهم بالمفيد لأنك إن لم تهتم بذلك، سوف ينعكس ذلك الحبس سلبيًا على نفسياتهم ويجعلهم يشعرون بالضيق والهم والاختناق ثم بعد ذلك تحاسبهم عندما يثيرون المشاكل في البيت ويعصون أمرك، ويخرجون عن طوعك.
ما المانع أخي ولي الأمر من وضع برنامج ترفيهي بالتخطيط والتشاور والاتفاق مع الزوجة والأبناء ليكون البرنامج مناسبًا للجميع، ويكون بصفة دورية أسبوعية، وكذلك وضع ضوابط أسرية تتعلق بأوقات خروج وعودة الزوجة والأبناء إلى البيت لأن الضوابط تعتبر حماية لأفراد الأسرة من الأفراد غير الأسوياء في المجتمع.
كما أن الهدف من برنامج الترفيه الأسري، لتفريغ الضغوط التي يتعرض لها أفراد الأسرة خلال الأسبوع في أماكن الدراسة أو العمل أو في البيت أو من ضغوط الحياة بصفة عامة، واصطحابهم إلى الأماكن الترفيهية لتغيير جو لهم واشباع احتياجاتهم فيشعرون بالارتياح النفسي، ويعودون إلى البيت بنفسية جديدة لاستقبال الأسبوع القادم وهم أكثر نشاطًا وحيوية وقد تحسنت نفسياتهم وأشبعوا احتياجهم من الترويح عن النفس لأنهم قد قاموا بتفريغ الشحنات السالبة من أجسادهم وعقولهم، وجددوا في حياتهم وطردوا السأم والملل عنهم، وصدقني بعدها لن يخالفوا أمرك، ولن يفكروا بعد ذلك في الأفكار السلبية المتمثلة في الهروب من البيت أو الغياب عنه عدة أيام أو أكثر، لأنك إذا لم تشغلهم (الزوجة والأبناء) بما يحبون قد تشغلهم أنفسهم بما تكره ويكرهون، وإن لم تهتم بهذا الجانب الترفيهي والترويحي، سوف يأتي اليوم الذي تصطحب فيه زوجتك وابنك أو ابنتك إلى مستشفى الصحة النفسية وعلاج الإدمان على المخدرات.
وقد ثبت علميًا أن الترويح على النفس وممارسة الرياضة يساهمان في علاج الأمراض النفسية وتحسين النفسية والمزاج.
وتخيل عزيزي ولي الأمر لو أنك احتويت ابناءك ومنحتهم الحب والحنان واللين واللطف والرفق في التعامل، والاحترام ، والتغافل عن الزلات، ومنحتهم الثقة، ووفرت لهم احتياجاتهم الجسمية والنفسية والمادية وأشبعتها وجعلتهم يحققون ذواتهم، ويشعرون بالأمان والاستقرار النفسي في البيت مع الاهتمام أولًا بالجانب الروحي ثم الترفيهي والرياضي وشغل الأوقات هل تتوقع أن الأبناء والزوجة سوف ينفرون ويهربون من البيت؟ لا أعتقد ذلك لأن البيت أصبح جنة وملجأ للراحة والاستقرار والاطمئنان.