منذُ صدور توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -يحفظهما الله- بإطلاق حملة شعبيَّة لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة عبر منصَّة «ساهم» المنبثقة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانيَّة، حتَّى هبَّ جموع المواطنين بتكاتفهم مع القيادة الرشيدة لنصرة أهلنا في قطاع غزَّة، بعد أنْ ضاقت بهم السُّبل؛ بسبب تدهور الأوضاع الإنسانيَّة، والنقص الشديد في الغذاء والدواء والمأوى والمياه الصالحة للشرب، ويُعدُّ ذلك من أقل الواجبات التي تتحتَّم على الجميع خاصَّة وأنَّه من منطلق إسلامي وعروبي.
وكعادتهما بدأ خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد الأمين -يحفظهما الله- بالتبرُّع بمبلغ 50 مليون ريال، فهما -دائمًا- قدوتان في نصرة الشعوب المكلومة، والوقوف معها ماديًّا ومعنويًّا، ليتهافت الشعب السعودي النبيل بعدهما بالتبرُّع ليبلغ حتى الآن أكثر من 350 مليون ريال قابلة للارتفاع.
وهنا أتطرَّق إلى إثر الحملة الشعبيَّة لدروس وعِبر من المفترض أنْ تكون نبراسًا لكافَّة شعوب الأرض، وفي مقدِّمتها أنَّ موقف المملكة العربيَّة السعوديَّة من القضيَّة الفلسطينيَّة ثابتٌ لا يتزحزح عبر تاريخها التليد، ولا تقبل المساومة والمزايدة في ذلك، فمنذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وقفت المملكة في مؤتمر لندن عام 1935م المعروف بمؤتمر المائدة المستديرة؛ لمناقشة القضيَّة الفلسطينيَّة تأييدًا لمناصرة الشعب الفلسطيني، كما أسَّست المملكة في عام 1943 قنصليَّة عامَّة لها في مدينة القدس بفلسطين؛ لتيسير الدَّعم لقضيَّته العادلة، وواصلت السعوديَّة نهجها بالدفاع عن القضيَّة الفلسطينيَّة وحقوق شعبها، واستمر الدعم السعودي الذي لم ينقطع حتَّى عصرنا الحالي بحملة تبرُّعات شعبيَّة في عام 1967 تمكَّنت من جمع أكثر من 16 مليون ريال. وفي عام 1968 صدرت فتوى شرعيَّة بجواز دفع الزكاة إلى اللجان الشعبيَّة لمساعدة الشعب الفلسطيني. وفي عام 1969 وجَّه رئيس اللجنة الشعبيَّة لدعم فلسطين الملك سلمان بن عبدالعزيز دعوة السعوديين للاكتتاب لصالح رعاية أسر مجاهدي وشهداء فلسطين بنسبة 1% من رواتبهم. وفي عام 1988 بلغت حصيلة التبرُّعات الشعبيَّة السعوديَّة لدعم الشعب الفلسطيني أكثر من 160 مليون ريال.
كما افتتح الملك سلمان بن عبدالعزيز في عام 1989 مبنى السفارة الفلسطينيَّة في الرياض، ورفع العلم الفلسطيني على مبنى السفارة، وهذا غيض من فيض لما تقدمه السعوديَّة تجاه فلسطين وشعبها، وهذا واجب عروبي وإسلامي -كما أسلفت- رغم حقد الحاقدين، وحسد الحاسدين.
ومن ضمن الدروس والعبر على إثر الحملة الشعبية ثقة الشعب السعودي بقيادته في قيادة دفة الوطن وفق مصالحه وحفظ أمنه دون الخروج عن قراراته وتقيدهم بالأنظمة المتعلقة بعدم تقديم التبرعات خارج نطاق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وهي بمثابة تعلقه بقيادته وتمسكه بها حتى باتت مضرب المثل بين الشعوب، وأخذ حجم الوفاء والحب المتبادل بين القيادة والمواطن مقياساً يجعله المراقبون والمحللون للدلالة على درجة ترابط قيادة بشعبها نتيجة لقيم الحكم بالعدل والصدق والأمانة والشفافية، وحسن التعامل وثبات المواقف تجاه القضايا الدولية والعلاقات المتبادلة مع الدول الأخرى وبذلك تعتبر نصرة غزة أنموذجا يحتذى به ونبراسا لشعوب الأرض في علاقاتها مع قيادتها.
حاتم سعد العميري
Hatem1403@