Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

السعودية.. وصناعة السلام

A A
هذه هي السعوديَّة، الدولة القادرة على جمع الشمل، وتنظيم أكثر من قمَّة في وقتٍ واحدٍ، أو دمج أعمال قمَّتين، كما فعلت خلال القمَّة العربيَّة الإسلاميَّة الطارئة، التي اختُتمت قبل أيَّام، وعُقدت في مدينة الرياض. كانتا قمَّتين: عربيَّة وأُخْرى إسلاميَّة، لكنَّ الظَّرف الرَّاهن استوجب حشد كلِّ القادة على صعيدٍ واحدٍ.

حضر القمَّة العربيَّة الإسلاميَّة كلٌ من: البحرين، سوريا، مصر، العراق، ليبيا، المغرب، فلسطين، قطر، الإمارات العربيَّة المتحدة، الكويت، عُمان، الأردن، الصومال، جيبوتي، لبنان، الجزائر، تونس، إندونيسيا، قرغيزستان، موريتانيا، تركيا، إيران، ماليزيا.

هذا الجمعُ يشيرُ إلى أنَّ القادة العرب والمسلمين، تجمعهم القضيَّة الفلسطينيَّة، وتعلو على خلافاتهم وقضايا أوطانهم الملحَّة، فالرئيس السوري بشَّار الأسد كان حاضرًا بعد عودة سوريا إلى عضويَّة الجامعة العربيَّة، وكذلك الرئيس الإيراني... إلخ.

لا أريدُ عمل تغطية إخباريَّة للمؤتمر، بل أردتُ الإشارة إلى أهميَّة هذه القمَّة، وإلى أهميَّة ما يحدث للفلسطينيين في غزَّة على أيدي الصهاينة، وأنَّ القضيَّة الفلسطينيَّة ستظلُّ هي القضيَّة الأولى على رأس قائمة قضايا الوطن العربي والإسلامي.

أردتُ أنْ أشيرَ -أيضًا- إلى تهافُت تلك الأصوات، التي تحاول إفساد الوفاق والوئام بين الشعوب العربيَّة بشكل خاصٍّ، عن طريق الادِّعاءات الكاذبة، وتُهم التَّخوين والعَمَالَة، التي أصبحت تملأُ منصَّات قنوات التَّواصل، ومنصَّة إكس «X»، ربَّما هي المنصَّة المفتوحة لكثير من أولئك السُّفهاء، الذين تركُوا تجريم الصهاينة، وانبروا لتجريم العرب.

بفضل من الله أنَّ قادة السعوديَّة سبَّاقُون دائمًا لجمع كلمة العرب والمسلمين في كلِّ أزمةٍ، ربَّما لازال اتفاق الطَّائف لوقف الحرب الأهليَّة اللبنانيَّة التي استعصت على الحلِّ، وامتدَّت على مدى عشرين عامًا، حاضرًا في الأذهان، حيثُ حُلَّت وانتهت في اتفاق الطَّائف، أيّ على أرض السعوديَّة، بجهود قادتها في ذلك الوقت، ليعمَّ السَّلامُ أرجاءها، وتعودُ لبنانُ مزدهرةً قويةً سنوات طويلة، حتَّى توغَّل حزب الشيطان في أوصالها، دمَّر اقتصادها، وأنهك بنيتها السياحيَّة والفنيَّة. هذا مثال واحد فقط من أمثلة كثيرة على مدى الأعوام والحُقب السياسيَّة التي بذلت خلالها المملكة العربيَّة السعوديَّة الكثير لحلِّ الخلافاتِ، وإبرام اتِّفاقات السَّلام.

أكَّد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمته الافتتاحية أمام القمة، على عدم السَّماح بأنْ تتحوَّل المنطقة العربيَّة إلى منطقة صراعات، وشدَّد على محوريَّة القضيَّة الفلسطينيَّة، وقال: «نعملُ معًا من أجلِ التَّوصلِ إلى حلِّهَا». كذلك أعرب عن أمله في أنْ تُسهم عودةُ سوريا إلى الجامعة العربيَّة في دعم أمنها.

اليوم، قلبُ الحدث هو «غزَّة»، لذلك كانت القمَّة العربيَّة الإسلاميَّة في الرياض نوفمبر 2023م «غير عاديَّة»، باجتماع أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والرؤساء والوفود المشاركة في الرياض، وأعلن البيانُ الختاميُّ إدانةَ العدوانِ الإسرائيليِّ على قطاع غزَّة، وجرائم الحرب والمجازر الهمجيَّة الوحشيَّة التي ترتكبها حكومةُ الاحتلال الاستعماري ضدَّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، والضفة الغربيَّة المحتلَّة بما فيها القدسُ الشرقيَّة، والمطالبة بضرورة وقف العدوان فورًا.

رفضَ بيانُ القمة توصيفَ هذه الحرب الانتقامية بأنها دفاع عن النفس، أو تبريرها تحت أيِّ ذريعة، ودعا إلى كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكلٍ فوريٍّ.

تأكيدُ البيان على دعم كلِّ ما تتَّخذه جمهوريَّة مصر العربيَّة من خطوات؛ لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزَّة.

بنودٌ كثيرةٌ تضمَّنها البيانُ الختاميُّ، ومطالبات لمجلس الأمن لإدانة تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلي للمستشفيات في قطاع غزَّة، ومنع إدخال الدَّواء والغذاء والوقود، وقطع الكهرباء والمياه، والخدمات الأساسيَّة.

وأخيرًا.. اكتسبت السعوديَّة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هذه الإمكانيَّات التي أهَّلتها لتنظيم أكثر من مؤتمر، وعلى التَّواصل مع الجميع، والتَّسامي عن المزايدات، والسَّير في طريق التقدُّم الدَّاخلي، وحُسن العلاقات مع الجميع، وحل الخلافات، والسَّعي الحثيث لترسيخ الأمن والسَّلام دون الوقوف لحظة واحدة لتُفنِّد أو تُبرِّر، بل تعملُ وتنجزُ، تجمعُ وتُوفِّقُ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store