تذكرني الأجواء المأساوية التي نعيشها هذه الأيام بسبب مأساة إخواننا في غزة بالنهايات الحزينة لأبرز أبطال مسرحيات وليم شكسبير، ولعل نهاية هاملت، وهو إحدى أبرز شخصياته الملحمية، دليل قاطع على ذلك.. فهاملت وهو الأمير الدانماركي الذي يعاني هوس الانتقام والثأر، بسبب مقتل والده بطريقة غامضة على يد الشخص الذي أصبح زوجاً لأمه فيما بعد، إلا أن أفعاله تؤدي إلى أحداث مأساوية، تنتج عنها وفاته بطريقة شاعرية، وهو ما جعله شخصية خالدة لا تزال يتردد صداها حتى يومنا هذا.
والشيء نفسه تقريباً يحدث لثاني شخصيات شكسبير شهرة بعد هاملت وهو ماكبث في مسرحية ماكبث، وهو أحد النبلاء الأسكتلنديين، الذي يحفزه تنبؤات ثلاث ساحرات له بأنه سيصبح ملكًا.. فيأخذه الطموح والغرور، ويقوده جنونه لوضع خطط وأحلام سوداء تبدأ بقتل ملكه دنكن، واعتلاء العرش والقيام بسلسلة إعدامات لكل من يشك فيه؛ حتى صديقه بانكو لم يسلم منه، في محاولة يائسة للحفاظ على عرش زائف، وفي نهاية المطاف، ينتهي عهده بمأساة، ويقُتل في إحدى المعارك.
والشي نفسه في مسرحية عطيل، وعطيل جنرال مغربي نبيل بحسب المسرحية يعيش في البندقية، يقع في حب ديدمونة، ابنة عضو مجلس الشيوخ، لكن حبه يتحول إلى انتقام من خيانة لم تحصل بسب وشاية تفقده عقله من صديقه ياغو، وعندما يعلم الحقيقة بعد فوت الأوان وموت ديدمونة، يغمره الشعور بالذنب، فينتحر. أما مسرحية الملك لير، وهي مسرحية عائلية تتناول قصة ملك كبير في السن اسمه لير، يقسم مملكته بين بناته الثلاث بناءً على تملقهن. فتوافق اثنتان، وترفض ابنته الصغرى كورديليا، مما يجعل لير يتبرأ منها.
إلا أن الابنتين الكبرى، جونيريل وريجان، تخونانه فيما بعد، مما يدفعه إلى الجنون.
في هذه الأثناء، يستغل إدموند، الابن غير الشرعي، الوضع للوصول إلى السلطة.. في نهاية المطاف، يجتمع لير مجددًا مع كورديليا، ويُقْبَض عليهما، وتُعْدَم.. ويموت لير من شدة الحزن، ونلاحظ أن القاسم المشترك في كل هذه الأعمال؛ هو أن البطل التراجيدي دائماً ما كان يصنع لنفسه ما يكفي من المبررات الذي تجعل سير حياته في تصاعد، حتى يصل إلى النهاية المأساوية.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
