يعتبر شهر نوفمبر من أكثر الشهور التي تقام فيها العديد من الأيام العالمية التي تستهدف تعزيز القيم الإنسانية، والبيئة، والحياة الاجتماعية.. وقد دأبت الأمم المتحدة على تعزيز أهدافها وتوجيه العمل بهذه الأيام، وفي العادة تكون مقترحة من دولة أو عدة دول أو منظمات وتعتمدها الأمم المتحدة.. والتي اتخذت شعاراً لها (السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة).
ولعل من أهم الأيام العالمية في نوفمبر هو (يوم الطفل العالمي) الموافق 20 نوفمبر من كل عام، والذي يلفت فيه أنظار العالم إلى أهمية مراعاة حقوق الطفل، فهو نواة اليوم وإشراقة الغد. ومن أهم حقوق الطفل التي حددتها الأمم المتحدة: حقه في التعليم، والصحة، والتغذية الجيدة والمساواة والبيئة النظيفة، والسكن، والأمن، والحماية من الأذى، ومشاركاتهم الاجتماعية في الأنشطة والفعاليات وغيرها من الحقوق.
ولأننا في بلد الإنسانية، توفر السعودية كل هذه الحقوق لأبناء الوطن، فهناك حوالى 6 ملايين طالب يحصلون على التعليم المجاني، والرعاية الصحية، والسكن من خلال بنك التنمية والضمان الاجتماعي.. بل هناك دعم مالي لبعض الطلاب المحتاجين ودعم لطلاب الجامعات بمكافآت شهرية، وهذه قد لا توجد في كثير من دول العالم.
ولم تكتف بذلك، بل امتدت إنسانيتها لتشمل العالم من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة العالمية، مستشعرة القيم الإنسانية الخالدة بالتعاون على البر والتقوى، وتقديم الإغاثة لأكثر من 105 دول حول العالم، أهمها فلسطين واليمن وسوريا والصومال.. وعدد ٣١٣٥ مشروعاً، وتكلفة تقدر بأكثر من ٢٦ مليار ريال سعودي تتناول التعليم والصحة والغذاء والمياه.. فهي الدولة السبَّاقة لكل عمل إنسان إغاثي وخيري.
وفي لفتة أبهرت العالم -ومنذ عقود- عُرفت المملكة بعملها الطبي الإنساني بفصل التوائم الملتصقة، كما تقدمت رسمياً هذا العام للأمم المتحدة ليكون يوم 24 نوفمبر يوماً (للتوائم الملتصقة)، وقد تمت الموافقة عليه؛ ليكون انطلاق أول مؤتمر دولي للتوائم الملتصقة الذي أقيم هذا العام في الرياض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمتابعة سمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، وشارك فيه جمع من الخبراء والأطباء العالميين وممثلي المنظمات الإنسانية والمسؤولين الحكوميين، إضافة إلى التوائم الذين تم فصلهم سابقا ويعيشون حياة كريمة متوازنة ومن جميع أنحاء العالم؛ لتعزيز الوعي الدولي والرعاية الكاملة لهؤلاء الأطفال، وهذه أبسط حقوقهم، ومنذ عام ١٩٩٠م حتى الآن أجريت أكثر من 60 عملية ناجحة، وسجلت المملكة نجاحات أذهلت العالم في فصل التوائم وأدق العمليات وأعقد الجراحات، ولا زالت تثبت أنها دولة الإنسانية، فلا لون ولا جنس ولا عرق... إلخ، يحكم إجراء العمليات.
هذه الإنسانية في الدولة السعودية نجدها صفراً عند دولة الاحتلال الإسرائيلي الظالم التي لم تراعِ حق الطفولة في يومها العالمي 20 نوفمبر؛ فهناك ١٨ ألف طفل قُتلوا جراء عمليات القصف والتدمير في غزة، وهناك أكثر من مليوني طفل بواقع ٤٣٪ من السكان هم من الأطفال بدون تعليم، وبدون أمن، حيث تم تهجير حوالى مليوني فلسطيني، بينهم سبعمائة ألف طفل يرحلون من مكان إلى آخر دون مأوى أو مسكن آمن بسبب تدمير منازلهم، وبدون أبسط حقوقهم في الرعاية الصحية، حيث يستهدف الاحتلال الإسرائيلي الغاصب المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية التي خرجت معظمها عن الخدمة، ناهيك عن سوء البيئة الصحية بتكدس النفايات، وتسرب مياه الصرف الصحي في الأزقة والطرقات وانتشار البعوض، وبرودة الطقس العالية وفيضان مياه الأمطار على المخيمات.. ومعاناة السكان من الجوع والبرد والمرض.
نعم، ظلت المنظمات الدولية عاجزة عن إيقاف هذه الوحشية الإسرائيلية وبدعم من أمريكا.. وهما اللتان تتشدقان بالديمقراطية وحقوق الإنسان!! فأين هم من هذا الظلم لأطفال فلسطين.. وعدم توفر أدنى حقوق الطفل، والتي لن يحصلوا عليها إلا بـ(وقف) الحرب الظالمة، التي للأسف عارضته أمريكا باستعمال حق النقض (الفيتو) ٤ مرات متتالية.
ولأن جمهورية مصر العربية أقامت مؤخراً مؤتمراً دولياً لتعزيز الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، ولمواجهة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني، وتأمين التزامات ومساعدات لغزة، وتعزيز الدعم الدولي لضمان استدامة الاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة، فإن المطلوب أن تقوم المنظمات العالمية - كاليونيسيف واليونسكو- بالعمل على أن تكون التهيئة للطفولة - مثل إعمار المدارس- من الأولويات، حتى لا ينشأ جيل كامل يعاني الجهل والفقر والمرض.. ولعل المؤسسات العالمية ومنها مؤسسة (تحقيق أمنية) والمنتشرة في 50 دولة حول العالم تجد طريقاً لها لأطفال غزة، وتحقيق أمنياتهم الإنسانية التي ربما لا تزيد عن مطالبتهم بالشعور بالأمن ولقمة العيش الكريمة ومقعد دراسي.. فهل عرفتم يا سادة الفرق بين الإنسانية واللاإنسانية؟!.