مسجد بني زريق (مسجد السبق) من أوائل المساجد التي قرئ فيها القرآن قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

مسجد بني زريق أحد مساجد المدينة المنورة التاريخية، يقع هذا المسجد في الجهة الغربية الشمالية من المسجد النبوي الشريف، وكان يبدو واضحًا في الجهة اليمنى للداخل في النفق عن طريق أبي بكر الصديق (شارع سلطانة) إلى وقت قريب، وكان مسجدًا عامرًا، ومع قربه من المسجد النبوي فإن الجمعة تُقام في هذا المسجد من قديم، ويطلق عليه مسجد السبق؛ لأن موقعه كان نهاية سباق الخيل الذي يقام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لتستعد الخيل للجهاد في سبيل الله، فقد ورد في صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضُمر من الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع، وأجرى ما لم يضمّر من الثنية إلى مسجد بني زريق قال ابن عمر: وكنتُ فيمن أجرى. أي: أن ابن عمر شارك في السباق. وقول ابن عمر (ما ضمر من الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع) الحفياء غرب جبل أحد، وثنية الوداع تبعد شمال مسجد السبق (كيلومترًا واحدًا)، وموقعها حاليًّا مخرج نفق المناخة من الشمال، أي: بداية طريق سلطانة. أي: أن مسافة سباق الخيل المضمرة في حدود 5 كيلومترات، والخيل التي لم تدرّب بعد على السباق (أي: غير المضمرة) من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق بمسافة كيلومتر واحد فقط. وبنو زريق من الخزرج، ذكر بأن مسجدهم أوّل مسجد قرئ فيه القرآن قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن رافع بن مالك الزرقي -رضي الله عنه- لما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة أعطاه ما نزل عليه من القرآن بمكة إلى ليلة العقبة، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فيه ولم يصلِّ، وعجب من اعتدال قبلة مسجد بني زريق، ويقع ما بين مسجد بني زريق ومسجد الغمامة سوق المدينة الشهير (سوق المناخة)، وهو أحد الأماكن ذا العبق التاريخي المرتبطة بالعهد النبوي الشريف، حيث أقام ذلك السوق رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ليخلص المسلمين من سيطرة يهود على الاقتصاد في المدينة المنورة. وكان صلى الله عليه وسلم يأتي إلى موضع مسجد السبق مع الصحابة -رضي الله عنهم- ليودعهم حين خروجهم في مهمّات رسمية وخاصة القتالية منها. وقد سار عليه الصلاة والسلام على قدميه الشريفتين إلى هذا المكان مرارًا. وسار على خطاه الخليفة الراشد أبو بكر لتوديع الحملات التي كانت تخرج في أيامه. وذلك لقرب موقع مسجد السبق (مسجد بني زريق) من ثنية الوداع، وقد جدد في عهد الملك فهد -رحمه الله- وكان في جنوبه مستشفى النساء والولادة الحكومي على أرض معروفة تاريخيًّا وهي كامل الجزء الجنوبي لثنية عثعث، حيث يشكل قسم من جبل سلع، وفجأة أتت شركة أو مجموعة شركات للبناء وخرقت صخور الأرض، وبرزت مجموعة من الأبراج السكنية على أرض مستشفى الولادة السابق، ورغم بعد مسجد السبق التاريخي عن موقع تلك الأبراج (300 متر تقريبًا) إلاَّ أن شركة البناء (أو الشركات) حطمت منارته ومسحته عن وجه الأرض، وبثت أقوال أثناء الإزالة بأن الشركة ستعيد بناءه، واتّخذت من تلك المساحات بما فيها مساحة مسجد السبق (بني زريق) المزال مقرًّا للمشرفين والمهندسين والعمال، وكأنّ إزالة المساجد الأثرية متاحة حتى من قبل شركات البناء.