تَرْتِيَـلَةُ السَّبـْتِ... وَمَا قَالَهُ السَّامِرِيُّ (*)

(1)

.....

والفراتُ الذي كان فراتًا...

لم يعد ذاك الفرات..

لم يعد عذبًا..

ولا النِّيلُ..

ولا بردى..

ولا دجلة الخير...

كلها مُسِخَت بوباءٍ يسمونه (الملوحة)!!

فكيف تعذُبُ (أنهارٌ) وقد خالطَها (الملحُ)..

بل كيف أشرب؟!

والقناعات التي كانت تزمِّلُنا

بَانَتْ/ نَأَتْ..

وحلَّ علينا يقينٌ لا ريب فيه...

لشارب الماء:

أنَّ الفرات الذي كان فراتًا...

لم يعد ذاك الفرات!!

(2)

نَعَم...

كانت التِّيه...

والأربعون، تتالت علينا بعدها...

أربعون... وأربعون.. وأربعون..

شيءٌ من الزْمهرير يغدو علينا...

ويؤوب!!

لم نُطِقْ برد حزيران،

ولا رطوبة أيلول،

ولا جمر تشرين المجيد!!

لم نعد.. كالذين صباحاتهم حول المواقد..

والمساءاتُ كالعراجينِ القديمةِ..

لا ضَوءَ فيها..

ولا عن حرائقها يُنبِؤوُن!!

***

(3)

مسَّنِي الضُّرُّ...

و»أيوب»: لم يطق صبرَهُ..

لم يجد مغتسلًا دافئًا..

يركض فيه،

أو شرابًا عليلًا..

يرتويه!!

مسَّه الضُّرُّ..

أوغلَ في التِّيهِ..

أفاق على لغة الموتِ..

وارتَدَّ خاسٍ/ حسير!ّ!

(4)

كم تزلزلنا...

ولمَّا نفق بَعدُ..

لم نشرب زلالًا..

والدُّروب إلى (خَيبرٍ) تقترب!!

«طورُ سيناءَ» تعربد فيها العناكب..

«موسى»... لم يجد ناره (ال) كانت قبسًا..

ربما يصطلي منها..

أو يأت منها الرواةُ بأخبارهم..

و»الزنانير»...

محَتْ كل اللِّحَى..

ولا وقت في الوقت...

كي يعيد (السَّامري)...

ما امَّحى من أثر!!

***

(5)

زمِّلِيني بالنُّجوم الدافئات...

يا قوافي.

وامنحيني عرش (بلقيسٍ)...

فالمنافي..

لم تعد تغري كآباتي.

ورفاتي...

لم تجد قبرًا يواريها.

والخيولُ الصَّافناتُ...

لم تجد دربًا إلى المَسرَّى،

فعادت كاسفاتِ.

وعلى مَدِّ شبرٍ من «الطُّورِ»..

جاء موسى..

وهارون:

لا تأخذ برأسي/

يابنَ أمَّ...

«وتَكْفَى»....

لا تُشْمِّتْ بِيْ عِداتِي!!

(6)

فرَّ من زمهرير الوقت/ قلبي..

واكتسى بالمُوبِقَاتِ.

يا له من قالبٍ يتقلَّبْ..

يوشك الدَّمْ...

أن يتخثر في رئتي..

والقوافي...

مع الحوت تجري مُشْرَعاتِ.

وإذَا ما (السَّبتُ) جاء...

امتطَيْنَا (فرس النَّهر)..

كي نَجْنِي البطولات!!

ثم نبكي...

ونبكي..

وعلى حائط المبكى...

نغنى!

«أبكي على ما جرى لي باهلي»!!

و»أبكي على ما جرى لي ياهلي»

جدة 1-15/4/1439هـ

من 19/12-3 يناير 2018م