Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل نعيش اليوم بداية نهاية العالم الذي نعرفه؟!

يواجه العالم أزمة ثقة نتيجة للطريقة التي يتم بها معالجة الأزمة الاقتصادية منذ عام 2008م، وعجز الدول المتقدمة وعلى رأسها أمريكا وكذلك أوروبا عن تطبيق سياسات وإجراءات اقتصادية ومالية تعيد للأسواق الم

A A

يواجه العالم أزمة ثقة نتيجة للطريقة التي يتم بها معالجة الأزمة الاقتصادية منذ عام 2008م، وعجز الدول المتقدمة وعلى رأسها أمريكا وكذلك أوروبا عن تطبيق سياسات وإجراءات اقتصادية ومالية تعيد للأسواق المالية استقرارها وتدفع عجلة الإنتاج للدوران بشكل جيد.. فالنمو الاقتصادي ضعيف والبطالة مرتفعة والدول تنفق مما تستدينه أكثر بكثير عما يُمكنها جبايته وكسبه من النمو الاقتصادي في البلاد.
انطلقت هذه الأزمة من أمريكا والمطلوب أن تُظهر واشنطن إرادة حقيقية في إيجاد الحلول وتنفيذها.. إلا أنه من الواضح أن الكونجرس الأمريكي يعيش تجاذبات تمنع الوصول إلى حلول عملية مقبولة، حيث استولى المتطرفون اليمينيون على الحزب الجمهوري، وسيطر المتطرفون الليبراليون على قرارات الحزب الديمقراطي، وعجز البيت الأبيض عن إظهار قيادة توجه البلاد باتجاه الحلول المطلوبة.. وأصبح الرئيس باراك أوباما رهينة للمتطرفين في كلا الحزبين، وعاجزًا عن القيادة، وتحولت أمريكا ومعها باقي العالم إلى ضحية لسياسات يتخذها أشخاص يقدمون مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة.
الأزمة الاقتصادية الحالية في أوروبا وأمريكا هي أزمة عالمية بامتياز ونحن نشاهد تداعياتها السيئة في العديد من المدن الأمريكية والأوروبية والتي قد لا تجذب الأنظار إليها مثلما فعلت الاضطرابات التي انتشرت في العديد من المدن البريطانية ويسعى البريطانيون إلى معالجتها بالمزيد من القرارات الخاطئة بما في ذلك الحرمان من الأموال الشحيحة التي تنفقها الدولة لمساعدة المواطنين على العيش بالحد الأدنى طالما لا تتوفر الوظائف التي ستقي هؤلاء الشباب المطلوب معاقبتهم من المزيد من الحرمان والنقمة والتطرف.. وقد شهدت شوارع اليونان وإسبانيا وأمريكا العديد من المظاهرات وأعمال الشغب نتيجة لهذا الوضع الاقتصادي المتردي.
ومن المسلم به أنه إذا لم يتمكن الرئيس أوباما من تولي قيادة معالجة هذه الأزمة في بلاده وإعطاء الأسواق الشعور بأنه يقف وإدارته على رأس هذه الأزمة بكفاءة وإصرار على الحل، فإن الأسواق العالمية ستواصل انهيارها، وستؤدي البطالة المتعاظمة وتقليص الإنفاق في كثير من دول العالم وزيادة الاستدانة من أسواق المال بنسب فوائد عالية إلى خروج الجماهير العاطلة الغاضبة إلى الشوارع وانتشار أعمال الشغب في كل مكان.. ولن يفيد أن يسارع الإيرانيون ونظام العقيد معمر القذافي إلى تقديم النصح والانتقاد في هذه الأحوال مثلما فعلوا مع اضطرابات بريطانيا.
ولا يوجد عجز في العقول والخبرات لدى المجتمعات التي تقود الأزمة الاقتصادية الحالية، ولكن العجز الفاضح هو في الإرادة السياسية لدى عواصم هذه الدول وقياداتها.. إذ أنه بالإمكان معالجة الأزمة الحالية والتي دعيت مجموعة العشرين للمشاركة في حلها، ولكن المعالجة تتطلب حزمًا وإرادة سياسية لم تتوفر حتى الآن في أمريكا وأوروبا.. ومتى تواصل هذا الشلل السياسي فإن الأزمة ستتوسع وتتحول إلى فوضى تضرب لا أطراف أوروبا وأمريكا فحسب، بل وباقي العالم.. فالاقتصاد العالمي مرتبط ببعضه البعض، بعد أن سقط الاتحاد السوفيتي وأطاح معه بالنظام الاقتصادي الاشتراكي. وأصبحت الصين أيضًا تطبق جزءً كبيرًا من أنظمة الاقتصاد الحر في بلادها مما ساعد على ربط عجلة الاقتصاد فيها بأمريكا وبقية العالم.
ويؤدي العجز الاقتصادي إلى انهيار سياسي وفوضى في البلاد التي تصاب به، وستكون نتيجة ذلك فوضى غير خلاقة وحروب جديدة إقليمية وداخل بعض الأوطان، كما هو متوقع الآن في منطقة الشرق الأوسط وبعض دول آسيا وإفريقيا.. ولن يستطيع العالم أن يواجه مثل هذه الفوضى أو أن يحتملها، وستؤدي إلى خراب كبير.. لذا تأتي الحاجة إلى أن يستفيق الأمريكيون والأوروبيون من غفلتهم قبل وقوع الكارثة الكبرى.
ونحن نشاهد في منطقتنا العربية ثورات وانتفاضات قادت إليها سنين طويلة من العجز الاقتصادي، ودخول العديد من بلداننا في تجارب اقتصادية أولها باسم الاشتراكية وآخرها تحت مسمى الرأسمالية، لم تؤد سوى إلى إفادة شرائح صغيرة من المجتمع وحرمان الشريحة الواسعة الأكبر من مجتمعاتنا فوائد حقيقية أو المشاركة في جني ثمرات الطفرات التي مرت وتمر بها المنطقة.. وانعكس حرمان الجماهير وتذمرها إلى الانفجار الذي نشاهده اليوم في أكثر من بلد عربي.. لذا يجب على منطقتنا العربية أن لا تعتقد أنها بمنأى عن الفوضى الاقتصادية التي يعيشها العالم اليـوم.

 

للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS

تبدأ بالرمز (5) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى

88591 - Stc

635031 - Mobily

737221 - Zain

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة