Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإرهاب بعينه هو أن ُيترك الشعب الصومالي يموت جوعاً

يمر القرن الأفريقي للمرة الثانية في الذاكرة القريبة ( إعتباراً من مجاعة 91- 1992 م ) لا سيما الصومال بموجة جفاف شديدة أكلت الأخضر و اليابس و أهلكت الزرع و أجفت الضرع و قضت على حياة 29,000 طفل صومالي د

A A
يمر القرن الأفريقي للمرة الثانية في الذاكرة القريبة ( إعتباراً من مجاعة 91- 1992 م ) لا سيما الصومال بموجة جفاف شديدة أكلت الأخضر و اليابس و أهلكت الزرع و أجفت الضرع و قضت على حياة 29,000 طفل صومالي دون الخامسة من العمر خلال الثلاثة أشهر الأخيرة ، و ذلك على ذمة الروايات لمنظمات غربية و هو ما يعادل 4% من أطفال الصومال ، و أن كارثة حقيقية تحيق بما يزيد عن 3 ملايين صومالي بحاجة لإغاثة فورية قبل أن يهلكوا جميعاً جوعاً و عطشاً ، حتى أطلق بعض الإعلاميين الغربيين على القرن الأفريقي و هو واحة إفريقيا الغناء مصطلح قرن المجاعة.
أما بالنسبة لما يرسل من مساعدات غذائية و طبية قليلة للصومال المنكوبة فيحول بينها و بين الوصول إلى غالبية مستحقيها الصراعات السياسية و القبلية و العسكرية القائمة بين أبناء الصومال أنفسهم منذ قرابة عقدين من الزمان ناهيك عن الأيادي الأجنبية المغرضة ، حتى وصل ذلك البلد العربي المسلم الغني بالثروات الطبيعية إلى ما يعرّف بالدولة الفاشلة ، المطلة على ذلك الموقع الجغرافي المشرف على مضيق باب المندب أحد أهم المضائق المالية على مستوى العالم بالنسبة لحركة التجارة العالمية ، و همزة الوصل بين المشرق العربي و العمق الأفريقي.
المشكلة الصومالية كما أسلفنا لا تقتصر على قلة الأمطار و نقص الغذاء و سوء إستغلال المنح الإلهية بل لها تعقيداتها السياسية المحلية و الإقليمية و الدولية المتشابكة فثمة مثلاً وجهة النظر الحكومة الصومالية التي يرأسها شريف شيخ أحمد و المدعومة من الغرب و من أثيوبيا ، و الخاضعة في كثير من الأحيان لإملاءات صناع القرار في واشنطن وتل أبيب ولندن وباريس وروما ترى في الأوضاع داخل الصومال كارثة إنسانية غير مسبوقة ، وأن العالم لا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الكارثة الإنسانية وأنه لابد من التدخل الإنساني العاجل لنجدة المنكوبين ، و وجهة النظر هذه و إن كانت تحمل قدراً من المصداقية إلا أن المريب فيها أنها تلجأ إلى ذات الخطاب الذي استخدم من قبل الولايات المتحدة في التدخل الأمريكي السافر في الصومال سنة 1992 م.
بالمقابل ثمة وجهة نظر المعارضة الإسلامية ممثلة في حركة شباب المجاهدين التي تحارب الحكومة الصومالية وتتهمها بالعمالة لأمريكا و نصارى الحبشة ( أثيوبيا ) التي لم تزل في حرب دينية مع الصومال منذ أن و طأت أقدام الصحابة الكرام أرض الصومال و اعتنق أهله الإسلام ، و ترى أن ثمة مبالغة متعمدة من الحكومة الصومالية و أمريكا و أثيوبيا في تصوير الأوضاع داخل الصومال ، وأن الأمر لم يصل لحد يستوجب تدخلا خارجيا له أجندته الخاصة التي لا تمت للإغاثة بصلة ، و تنفي الحركة قيامها بمنع إيصال المساعدات إلى الصوماليين كما يدعي الغرب، و ترى أن الهدف من هذا الكلام إعداد قوة جديدة من الدول الإفريقية لاحتلال الصومال ، وأن الحركة لا تمنع سوى المنظمات التنصيرية المشبوهة والتي تحمل الغذاء و المساعدات بيد والإنجيل باليد الأخرى مؤكدة على أن أكثر من مائة هيئة وجمعية محلية و إقليمية ودولية منتشرة في المناطق الصومالية ، تمارس نشاطاتها الإنسانية دون أي مشكلة.
الأمم المتحدة بصدد جمع 2,4 مليار دولار أمريكي من أجل المساعدات الغذائية و الطبية للصومال من الدول الأعضاء و خصوصاً الدول المسلمة ، لتوصلها من خلال منظمات الإغاثة الدولية و يستثنى من ذلك منظمات الإغاثة الإسلامية بدعوى الحيلولة دون تمويل الإرهاب. و الإرهاب كل الإرهاب في أن تمنع المعونات عن الشعب الصومالي المسلم و أن يترك ليموت جوعاً تحت مزاعم محاربة الإرهاب . و نهيب بجميع الدول الإسلامية أن تتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت مؤتمراً مؤخراً في العاصمة التركية أستنبول و حضرتها جميع الدول الأعضاء الـ 56 لمساعدة المتضررين من المجاعة في القرن الأفريقي و خصوصاً الصومال ، و أن تقوم كل بلاد مسلمة بحملة تبرعات لإنقاذ إخواننا و أخواتنا و أطفالنا بالصومال في هذا الشهر المبارك و نحن نتحرى ليلة هي خير عند الله من ألف شهر ، لتكن المساعدات للصومال بأيد مسلمة مؤمنة تقدم الخير إبتغاء وجه الله تعالى ، و كفى الأمة تبعية للأمم المتحدة و آلياتها المسيسة هذا إن لم نقل مغرضة تدس السم في الدسم ، فقد آن الآوان أن يخرج العالم الإسلامي من الأوهام المفروضة عليه لعالم ما بعد 11 سبتمبر ، و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store